أنا بوابة العبور

متى يستفيق الصباح؟ العتمة أرهقت السنين في أحلامنا الصارخة وتغشى بالجراح النور.  الدمع لغة تتدلى من ثريا الوجدان. تنحدر عباءة الشهادة فصاحة على أكتاف الكلمات.. مثل ذوبان الشمع.

جئت أصوغ بضع دمعات من تنور الشعور فإذا الحبر جمرات.. والحرف بخور. أبحث عن مفتاح خزانة الأمل في دهاليز روحي المثقلة بالآهات. أصنع من خشبه لعب العيد لأطفال لم يدركوا عيداً منذ مائدة المسيح.

أحرق قش العروبة الهشة.. وأسيافاً غدت زينة على حيطان القصور. أرتب الكتب المنعزلة على تعب الرفوف.. مترامية الحروف.

أجمع أقلام الرصاص المختنقة بغبار البارود. أوزعها على تلامذة بلا صفوف. صاروا يعلمون العالم فلسفة السنابل من بيادر الجوع والوجع والسنين، وفيض من كرامات.. يعصرون.

أهيم في وادي الخطر والحروب. أبحث عن نملة حكيمة من سلالة نملة سليمان. أسألها عن الأطفال.. إلى أي المساكن يدخلون؟ فلا تحطمنهم دبابات بني صهيون. أجوب الصحارى بين نجد والنقب.  بعدد الهزائم هم العرب. مليار خانع أو يزيدون.

أنبش الآبار مثل حفار القبور. يتوهم الغارقون في رمال المال والوهن أني مبعوث شركات الغاز المتعددة الانبعاثات.

لكني أبحث عن نخوة قرأناها في أساطير الأولين ولا أجدها.. أظنها تحللت إلى بترول.

يحدد "العم سام" قيمته وكميته بالدينار والدولار.. لمن يبيعون!

أمر على منازل الأرض المقدسة بثأر الأنبياء. أنزح كل هموم الأرض من "بئر السبع". أسقي ضريح "غزة" بما تبقى من ماء "الضفة" الغائر في عيون الموت. متى استحالت المدن أضرحة وأخاديد والأناسي شواهد للقبور؟

متى يستفيق الصباح؟ بلا شفق الدماء في الآفاق. متى يستفيق على حكاية جديدة بلون الياسمين.. وأغنيات الحساسين.

وشهرزاد السلام تنشر جناحيها للريح بعيداً عن سطوة الأباطرة والملوك. أقف على أطراف جبل عامل التي لا يحدها تاريخ الفداء الممهور بآيات القسم "والتين والزيتون". هناك حيث النهر يرشف ندى الحياة من شقائق النعمان، والدحنون. يتعطر البحر بأريج الأرجوان، والصخر يشمخر بأطواد العنفوان. وأولو البأس حضور.  

أعطي ظهري المثقل بأطنان الأسى لكل قوى العالم المتخم بالاستكبار، والأساطيل خلف البحار. أنظر فلسطين.. على امتداد باصرة الموقنين. هناك مدينة النور المطرزة بآية الوعد المسطور. أنا وعد السماء المنهمر من مزن الوحي الأمين.

وأنا رغم أسوار القهر، أنا يا فلسطين.. بوابة العبور.

وإنا قادمون.