اجتماع غير طارئ
وبينما كانوا يُعلّقونَ الأوسمةَ على صدورِهم، كانتْ غزّةُ ترفعُ طفلاً شهيداً.
-
غزة (أ ب)
في مزرعة تُدعى "العروبة"،
(والاسمُ مجازيٌّ... تماماً كالعروبة)
دُعِيَتْ الحيوانات إلى اجتماعٍ عاجلٍ
لـ "نُصرةِ الحقِّ، وإغاثةِ غزَّةْ"
فامتلأَ المسرحُ بالجعجعةِ،
وخلَتِ الموائدُ من الفعلةْ.
نهضَ الأسدُ من سُباتٍ أبديٍّ،
وقد نامَ منذُ النكبةِ الأولى،
تثاءبَ قائلاً:
"هزّتني الأخبارُ...
أعِدُّوا لي بياناً فيه انتصار"
ثمّ نامَ مجدداً،
ففي العادةِ لا يستيقظُ إلّا عندَ الغنائمْ.
الجملُ اعتدلَ في جلستهِ وقال:
"لن نسمحَ بتمريرِ الدمارْ...
وسأُدينُ العدوانَ…
غداً، بعدَ الانفجارْ"
وحينَ سُئل: "ما موقفكَ؟"
أجاب:
"أنا حياديٌّ...
مع القاتلِ والضحيّةِ...
حسبَ السياقِ والاضطرارْ"
الثعلبُ يبتسمُ كالعادة،
يُمسكُ ببيانٍ مُعدٍّ مُسبقاً،
ويهمسُ:
"نحنُ مع القضيّة...
ومع أيّ حلٍّ فيه نفطٌ
أو إعفاءاتٌ جمركيّةْ"
الببغاءُ نشر جناحيهِ وقال:
"أنا أدين!
أنا أُدين!
أنا أُدينُ بشدّةٍ
توازي الموسيقى التصويريّةْ"
ثمّ سأل:
"كم متابعاً جلبَتْ لي تغريدتي؟
وهل تُنشر صورتي في النشرةِ المسائيّةْ؟"
الديكُ صرخَ من فوقِ السطوحْ:
"أنا زعيمُ الفجرِ،
سأُحرّكُ الجيوشْ"
لكن حين لمحَ طيفَ الضبعِ،
غيّر لحنَهُ وغنّى:
"دعونا نحلُّ الأمرَ بالمفاوضاتْ"
ثم باعَ ريشه للمُحتلِّ…
وأخذَ صوراً في المؤتمراتْ.
الفرسُ النهريُّ قالَ بثقلِ الماءْ:
"لا نُريدُ الحربَ…
فالحربُ تخرّبُ الاستثماراتْ"
ثم خَتمَ قائلاً:
"صبراً يا غزّةْ…
فالودائعُ لا تتحرّكْ…
إلا بإذنِ البنكِ الدوليِّ،
وبعضِ الدعواتْ"
الضفدعةُ في المستنقعِ أعلنتْ:
"سنغنّي من أجلِ السلامْ!
ما لنا وذاك الشؤمِ… والركامْ؟
دعونا نرقصْ للفجرِ...
ففي المهرجانِ حياة"
ثم دعتْ نجماً عالمياً
ليُهديَ الشهداءَ أغنية…
ويُوقّعَ على صورةٍ تذكاريّةْ.
الخنزير، وهو ينظرُ إلى الجمعِ،
قال باكياً:
"كنتُ أظنُّ نفسي أحقرَ خلقِ اللهِ،
لكنّي اليومَ أشعرُ أنّي أكثرُ شرفاً منكم"
وانسحب…
بينما بقيتِ الحيوانات تصوّتُ
لأفضل خُطبةٍ بلا مضمونْ،
وأجمل شجبٍ لا يُغني عن جوعٍ،
وأكثرِ استنكارٍ قابلٍ للتأجيلْ....
وبينما كانوا يُعلّقونَ الأوسمةَ على صدورِهم،
كانتْ غزّةُ ترفعُ طفلاً شهيداً…
وتؤذن للفجر
دون مئذنة!