أوروبا تحت "قبة حرارية" غير مسبوقة.. حر خانق وحرائق غابات وجفاف

الحر يعود بشدة إلى عدد من دول القارة الأوروبية، وتتكثف الجهود للتصدي لتبعات موجة الحر الخانقة التي شكلت قبة نارية فوقها، وتسببت بحرائق غابات ووقوع عدد من الضحايا. كما هناك تخوفات من نقص في المياه.

  • القارة الأوروبية تحت
    القارة الأوروبية تحت "قبة حرارية" وجفاف وحر وحرائق غابات

تعيش أوروبا اليوم تحت وطأة موجة حرّ خانقة، فيما تتزايد الحرائق التي يُؤججها الاحترار المناخي، لا سيما في شبه الجزيرة الإيبيرية.

وقال أكشاي ديوراس، خبير الأرصاد في جامعة "ريدينغ" البريطانية، في تصريح لوكالة (فرانس برس ) إنّ "موجة الحر التي تؤثر حالياً على فرنسا وإسبانيا ودول البلقان ليست مفاجئة".

  • "قبة حرارية فوق أوروبا"

وأضاف أنّ "هذه الموجة ناجمة عن قبة حرارية مستقرة فوق أوروبا"، مشيراً إلى أنه "بسبب التغير المناخي، نعيش الآن في عالم أكثر دفئاً بشكل ملحوظ، وهذا الواقع يزيد من تكرار موجات الحر وشدّتها".

إسبانيا

في إسبانيا تمّ الابلاغ عن عشرات الحرائق المتفاوتة الشدة، حيث لقي رجل حتفه ليلاً في حريق اندلع مساء الاثنين في بلدة تريس كانتوس، الواقعة على بُعد 25 كيلومتراً شمال مدريد، وأتى على أكثر من ألف هكتار. وأصيب الرجل بحروق طالت أكثر من 90% من جسده.

وعلق رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على منصة إكس قائلا: "نحن مُعرّضون لخطر شديد بسبب حرائق الغابات". واضطر آلاف الأشخاص إلى قضاء الليل خارج منازلهم، مع إجراء عمليات إجلاء طارئة في بعض الأحيان.

فرنسا

وفي فرنسا، أعلنت السلطات حالة تأهب قصوى لمواجهة موجة حرّ شديد في 14 مقاطعة في الجنوب الغربي والوسط الشرقي.

وقالت أندريا من جمعية وتجمع التبرعات من المارة في مدينة ليون (وسط شرق البلاد) إنّ "الجو خانق ولا هواء".

الجفاف يطال أكثر من نصف أوروبا وحوض المتوسط 

وأشار الخبير إلى أنّ الجفاف يمثل واقعاً لأكثر من نصف أوروبا، وبشكل خاص في المناطق المحيطة بحوض البحر المتوسط منذ أشهر عدة، مما يوفر ظروفاً ملائمة لاندلاع الحرائق.

وطال الجفاف 52% الأراضي الأوروبية وسواحل البحر المتوسط في تموز/يوليو للشهر الرابع على التوالي، بحسب ما أظهر تحليل لـ"فرانس برس" لبيانات المرصد الأوروبي للجفاف. 

وهذه أعلى نسبة تسجل لشهر تموز/يوليو منذ بدء تسجيل هذه البيانات في 2012، وتزيد بـ21 نقطة عن المتوسط للفترة ما بين 2012 و2021، مع تسجيل الجفاف في هذه المنطقة أرقاماً قياسية متتالية كل شهر منذ مطلع العام.

انتشار الحرائق وقلق من نقص الماء 

وفي السياق، أعربت وكالة البيئة البريطانية، أمس الثلاثاء، عن قلق متزايد من نقص المياه في المملكة، التي أصبحت تُصنف الآن بأنها "مسألة ذات أهمية وطنية".

ويُعد النصف الأول من العام الجاري الأكثر جفافاً منذ العام 1976، الذي شهد بدوره جفافاً شديداً في أوروبا، ما يشير إلى ظاهرة مقلقة تهدد أوروبا برمتها.

وفي جنوب إسبانيا، تمّ تفادي كارثة، مساء الاثنين الماضي، بعدما تجدد الحريق قرب تاريفا في الأندلس، وهي منطقة سياحية شهيرة تعرضت لحريق الأسبوع الماضي.

ةقال مستشار الشؤون الداخلية في الحكومة الإقليمية للأندلس أنطونيو سانز: "عشنا لحظات من الخطر الشديد، إذ وصلت ألسنة اللهب إلى مداخل المناطق السكنية"، مضيفاً أنّ عمليات الإجلاء جرت "في وقت قياسي".

وسُمح لمئات الأشخاص من أصل نحو ألفي شخص تمّ إجلاؤهم من مقاطعة قادس بالعودة إلى منازلهم.

وتمكن حوالى 600 شخص من قرى متعددة أُُجلِيَ سكانها، بسبب الحريق الذي اجتاح الموقع الطبيعي "لاس ميدولاس" المصنّف ضمن التراث العالمي لليونسكو في منطقة قشتالة وليون (شمال غرب مدريد)، من العودة إلى منازلهم، أمس الثلاثاء، إلّا أنّ حرائق عدة ظلت مشتعلة في المنطقة نفسها قرب مدينة سامورا.

وفي البرتغال، لا تزال ثلاثة حرائق مستعرة، أبرزها حريق ترانكوسو (وسط البلاد) الذي اندلع السبت، ويشارك في احتوائه 700 عنصر إطفاء مدعومين بأربع طائرات.

وتخشى السلطات يوماً بالغ الصعوبة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، التي قد تصل إلى 44 مئوية في الجنوب.

ولم تسلم إيطاليا من موجة الحر، حيث فُرض أعلى مستوى من التحذير في 11 مدينة، من بينها كبرى المدن الإيطالية مثل روما وميلانو وتورينو.

ووسط هذا المشهد القاتم، شكّل التقدُّم في احتواء حريقٍ اندلع منذ السبت الماضي في منطقة شاسعة من متنزه جبل فيزوف الوطني، البركان المطل على خليج نابولي، بارقة أمل.

حرائق نشطة في البلقان

وفي جنوب شرق أوروبا، تصدّرت منطقة البلقان المشهد، حيث لا تزال 14 بؤرة حريق نشطة في ألبانيا، إضافة إلى حرائق مستعرة في مونتينيغرو وكرواتيا.

أما كوسوفو، فشهدت في تموز/يوليو الماضي، أعلى درجة حرارة سجلت في تاريخها، بلغت 42,4 مئوية.

وفي اليونان اندلعت أخطر تلك الحرائق في جزيرة زاكينثوس السياحية الشهيرة، وفي أجزاء من غرب اليونان بينها منطقة أخيا في البيلوبونيز، حيث تمّ إخلاء قرابة 20 قرية، وفق مسؤولي الإطفاء.

وطلبت اليونان مساعدة من الاتحاد الأوروبي لمكافحة أكثر من 100 حريق غابات تؤججها الرياح القوية والجفاف، حسبما أعلنت أجهزة الإطفاء. 

وفي تركيا كافحت فرق الإطفاء حرائق غابات متعددة في أنحاء البلاد مع استمرار حريق كبير في إقليم جناق قلعة بشمال غرب البلاد، والذي بقي مستعراً لليوم الثاني على التوالي بعد إجلاء مئات السكان كإجراء احترازي.

وتمّ إغلاق مطار جناق قلعة ومضيق الدردنيل، الذي يربط بحر إيجة ببحر مرمرة، مؤقتاً بسبب حرائق الغابات يوم الاثنين الماضي.

وقال وزير الزراعة والغابات التركي، إبراهيم يومقلي، في منشور له على منصة "إكس" إنّ "حرائق الغابات في منطقتي إيزيني وأيفاجيك في جناق قلعة تمت السيطرة عليها إلى حد كبير، لكن الحرائق في وسط المدينة في الجزء الجنوبي من مضيق الدردنيل لا تزال مستعرة".

اقرأ أيضاً: بسبب موجات حرارة تاريخية جنوب أوروبا.. حرائق ضخمة تجتاح اليونان

اخترنا لك