سعي برازيلي لإنجاح مؤتمر تغيّر المناخ "كوب 30"

الرئيس البرازيلي يكشف أنه حاول إقناع نظيره الأميركي، وقال له في اتصال هاتفي "من المهم أن تأتي إلى البرازيل لأنك ستكون في قلب الأمازون، لترى كيف تبدو هذه الأمازون التي يعشقها العالم".

  • هل يحقق
    شعار "كوب 30" في البرازيل (صفحة المؤتمر)

يخوض مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثون لتغيّر المناخ "كوب 30" الذي ينطلق في البرازيل بعد أقلّ من شهر تحدّياً ضخماً يتمثّل في توحيد دول العالم حول مواصلة العمل لمكافحة أزمة المناخ  على الرغم من الصعوبات والعقبات، وفي مقدّمها انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس.

وأصرّ الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على أن تكون مدينة "بيليم" الساحلية في منطقة الأمازون مكاناً لعقد مؤتمر الأطراف في اتفاق الأمم المتحدة الإطاري بشأن تغيّر المناخ بين 10 و21 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو أهم المحطات السنوية في المفاوضات المتعلّقة بهذه القضية.

ويطمح لولا إلى جمع العشرات من رؤساء الدول والحكومات، ولكن قبل أيام قليلة (في 6 و7 تشرين الثاني/نوفمبر)، لتخفيف العبء اللوجيستي الذي يمثّله تدّفق 50 ألف مفاوض وناشط وخبير ومشاركين آخرين على المدينة.

وكانت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 29"   الذي انعقد في العاصمة الأذرية باكو على معايير أممية جديدة بشأن أسواق الكربون، في خطوة مهمة تتيح لها تداول تصاريح إصدار الانبعاثات للإيفاء بالتزاماتها المناخية.

اقرأ أيضاً: "كوب 29" يصادق على معايير أممية جديدة بشأن أسواق الكربون

ومنذ اتفاقية باريس للمناخ  العام 2015، تصوغ الأمم المتحدة قواعد للسماح للدول والأعمال التجارية بتداول التصاريح ضمن سوق شفافة وموثوقة.

واتفاقية باريس، هي أول اتفاق عالمي بشأن المناخ ولمواجهة تغيّر المناخ وآثاره السلبية. وتبنّت 197 دولة اتفاق باريس في مؤتمر الأطراف 21 في باريس في 12 كانون الأول/ديسمبر 2015. ودخل الاتفاق حيّز التنفيذ بعد أقلّ من عام رسمياً في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2016.

المشاركات العالمية

ولم يؤكّد المشاركة في "كوب 30"  إلى الآن سوى عدد قليل من القادة (كولومبيا وجنوب أفريقيا وغيرهما)، فيما تأخّر كثر في اتخاذ قرارهم، نظراً إلى ما تشهده المرحلة الراهنة من اضطرابات جيوسياسية واقتصادية. وسيتولّى الأمير وليام تمثيل ملك بريطانيا تشارلز، فيما امتنع الرئيس النمسوي عن المشاركة بسبب أسعار الفنادق.

وخلال زيارة إلى روما الاثنين أعلن الرئيس البرازيلي أنّه التقى البابا لاوون الرابع عشر ودعاه للمشاركة في المؤتمر لكنّ الحبر الأعظم لن يتمكّن من الحضور بسبب "ارتباطات" سابقة.

ويُهدّد هذا الارتفاع الحاد في الأسعار مشاركة المنظّمات غير الحكومية والدول الفقيرة، لدرجة أنه يُلقي بظلاله على جوهر المفاوضات.

وأشارت دول، من بينها غامبيا والرأس الأخضر وحتى اليابان لوكالة فرانس برس إلى أنها ستُقلّص على الأرجح وفودها.

ويُعقد في برازيليا الاثنين والثلاثاء الاجتماع الوزاري غير الرسمي الذي يسبق المؤتمر، ويُخصّص لإجراء مراجعة أخيرة للوضع الراهن.

وأقرّ لولا في مطلع تشرين الأول/أكتوبر من موقع المؤتمر بمشكلات بيليم، لكنه أضاف "يجب أن نُظهر للعالم واقع الأمازون". واطّلع لولا على تقدّم أعمال البناء في هذه المدينة ذات البنى التحتية المحدودة التي يبلغ عدد سكانها 1,4 مليون نسمة.

وبلهجة استفزازية، أكد أنه ينوي "النوم على متن قارب، في أرجوحة شبكية".

 لا "عناوين كبرى"!

ويُعقد المؤتمر فيما التطلعات عالية بعدما شهد العالم العامين الأكثر حرّاً على الإطلاق، وانتشار موجات حرّ وعواصف تتسبّب بسقوط ضحايا.

ولكن على عكس الدورتين الأخيرتين اللتين أسفرتا عن اتفاقات بارزة في شأن الوقود الأحفوري والتمويل، دعت مارتا توريس-غانفاوس من مركز "إيدري" للأبحاث إلى "عدم توقُّع عناوين كبرى أو اتفاقات في شأن قضايا كبيرة وجريئة".

ولاحظ البرازيليون غياب الرغبة العامة في التزام وعود جديدة طموحة، وفضّلوا تالياً إعطاء الأولوية لتنفيذ الحلول التي سبق الاتفاق عليها.

ولدى سؤاله عن توفير الموارد من الدول الغنية للدول الفقيرة، قال رئيس مؤتمر كوب 30 أندريه كوريا دو لاغو باقتضاب إنّ هناك "طلبات كثيرة، وتعهّدات أكثر محدودية".

من جانبه، اعتبر المتحدّث باسم منظّمة "ديماند كلايمت جاستيس" غير الحكومية فيكتور مينوتي أنّ "هناك انعداماً كبيراً للثقة بين الدول الغنية والدول الفقيرة" وأنّ "مؤتمر الأطراف الأخير لم يؤدِ سوى إلى تعميق انعدام الثقة".

وفي العام الماضي، حدّد "كوب 29" هدفاً جديداً للمساعدة من الدول المتقدّمة إلى الدول النامية يبلغ 300 مليار دولار سنوياً بحلول العام 2035، وهو أدنى بكثير من التوقّعات.

وستحرص الرئاسة البرازيلية خصوصاً على أن تُظهر أنّ الدول لا تزال تؤمن بالنهج المتعدّد الأطراف رغم الصعوبات، ومن بينها انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس، والحروب الجمركية والتجارية، وصعود الأحزاب المشكّكة في تغيّر المناخ، وغيرها.

ويعتزم لولا الذي يُتوقَع أن يترشّح لولاية رئاسية جديدة السنة المقبلة، تأكيد "عودة البرازيل" إلى الساحة الدولية، بعد استضافتها قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو نهاية عام 2024، ثم قمة البريكس في تموز/يوليو الفائت.

ترامب مدعو..! 

وكان لولا الذي أبطأ وتيرة إزالة الغابات في بلاده ولكنه يؤيّد التنقيب عن النفط قبالة الأمازون، وعَد بما وصفه بمؤتمر "كوب الحقيقة" .

لكنّ الاتحاد الأوروبي المنقسم لم يتمكّن من التوصّل  في الموعد المحدّد إلى اتفاق في شأن التزاماته المناخية الجديدة لعام 2035 ، فيما اكتفت الصين بأهداف الحدّ الأدنى. ومن غير المتوقّع أن ترسل الولايات المتحدة وفداً.

إلّا أنّ لولا أفاد بأنه حاول إقناع دونالد ترامب، وقال له في اتصال هاتفي "من المهم أن تأتي إلى البرازيل لأنك ستكون في قلب الأمازون، لترى كيف تبدو هذه الأمازون التي يعشقها العالم".

اقرأ أيضاً: ما الذي سيتغيّر بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ؟

يذكر أنّ ترامب سارع في كانون الثاني/يناير عام 2024  إلى توقيع سلسلة من المراسيم، بعد تأديته اليمين الدستورية في البيت الأبيض، أمس الاثنين، بما في ذلك مرسوم يهدف إلى الانسحاب، مرة أخرى، من اتفاقية باريس للمناخ.

اخترنا لك