فقدان الطبيعة في الغابات يهدد ألوان الفراشات وبريق الكائنات الحية
تقرير خاص يضيء على قضية تدمير البشر للغابات الاستوائية الغنية بالطبيعة النادرة والألوان في البرازيل وأستراليا، وانعكاس هذه المشكلة البيئية على الفراشات التي تخسر ألوانها، وتلاشي بريق الكائنات الحية الأخرى أيضاً.
-
فقدان الطبيعة ألوان عالمها الطبيعي يفقد الكائنات الحية ألوانها وبريقها
تطوّرت ألوان الفراشات الزاهية في النظم البيئية الخصبة وساعدتها على البقاء. أما حالياً، فقد أصبحت الفراشات أكثر هدوءاً للتكيّف مع تدهور المناظر الطبيعية - وهي ليست الكائنات الوحيدة التي تفقد بريقها. هذه النتائج الأولية جزء من مجموعة بحثية أوسع نطاقاً حول "تغيّر اللون"، والتي تدرس كيف يُغيّر فقدان الطبيعة ألوان العالم الطبيعي، وفق ما جاء في تقرير خاصّ بصحيفة "ذي غارديان" البريطانية.
وجاء في التقرير: يصبح العالم أقلّ تنوّعاً. بالنسبة للفراشات، كانت الأجنحة الجريئة والزاهية تعني لها البقاء، إذ تساعدها على جذب شريكها والاختباء من الفرائس. لكنّ مشروعاً بحثياً جديداً يشير إلى أنه مع استبدال البشر للغابات الاستوائية الغنية بالألوان الأحادية، فإنّ ألوان الكائنات الأخرى تتلاشى.
يقول الباحث والمصوّر روبرتو غارسيا-روا، المشارك في مشروع في البرازيل يوثّق كيف يُؤدّي فقدان الموائل إلى تبييض عالم الألوان الطبيعي: "ألوان أجنحة الفراشات ليست تافهة، فقد صُمّمت على مدى ملايين السنين".
سواء أكان لونها أحمر برّاقاً، أو أخضر غامقاً، أو شاحباً كالشبح، فإنّ ثراء الغابات الاستوائية يوفّر للفراشات تنوّعاً في الموائل للتواصل والتمويه والتكاثر.
As we continue to obliterate the natural world, it is responding by swapping dazzling colours for drab greys and browns
— Bill McGuire (@ProfBillMcGuire) October 6, 2025
Yet one more grim outcome of humanity's never-ending campaign of destructionhttps://t.co/Hd6IBtBk1C
اقرأ أيضاً: هل للنباتات لغة وقدرة على التواصل؟
ومع استبدال البشر للغابات الاستوائية ببيئات مثل زراعة أشجار الأوكالبتوس الأحادية، تتغيّر هذه المتطلّبات. ففي المزارع، تُجرّد الخلفيّة البيئية من كلّ شيء، وتنمو الأنواع الباهتة بشكل أفضل. ويصبح كون الفراشات باهتة اللون - مثل محيطها - ميزة.
Butterflies’ brilliant hues evolved in lush ecosystems to help them survive. Now they are becoming more muted to adapt to degraded landscapes.
— Dr Jill Belch (@JillBelch) October 6, 2025
Only 14% of important UK habitats are in good condition#biodiversity pic.twitter.com/fVemG614W4
فقدان الطبيعة يغيّر ألوان الكائنات الحية
-
فقدان الطبيعة في الغابات يهدّد ألوان الفراشات ويحوّلها إلى اللون البني
هذا الفرق واضح، وفق ما يقول غارسيا روا: "تشعر بالحياة في الغابة الاستوائية، كلّ شيء بري - لا تعرف أبداً ما الذي ستجده"، مضيفاً: "عندما تصل إلى مزرعة أوكالبتوس، يكون الأمر محبطاً للغاية - قد تشعر أنّ الأمور لا تسير كما ينبغي أن تكون في النظام البيئي الطبيعي. الحيوانات ليست موجودة، والأصوات ليست كما ينبغي أن تكون".
هذه النتائج الأولية جزء من مجموعة بحثية أوسع نطاقاً حول "تغيّر اللون"، والتي تدرس كيف يُغيّر فقدان الطبيعة ألوان العالم الطبيعي.
في هذه الدراسة تُعدّ الفراشات موضوعاً مثالياً للدراسة لأنها من أكثر الكائنات الحية تلوّناً في العالم. فهي تُظهر مجموعة واسعة من الألوان في مختلف الموائل، وتستجيب بسرعة للتغيّرات البيئية، ويسهل رصدها.
لا يقتصر اللون على الجماليات فحسب، بل له وظائف تطورية مهمة. وفي اتجاه أوسع نطاقاً، فقد أصبحت النظم البيئية التي كانت تدعم ألواناً متعددة أكثر هدوءاً مع تدهورها وتبسيطها وتلوّثها بفعل البشر. فابيّضت الشعاب المرجانية، وأصبحت المحيطات أكثر خضرة - حتى أقواس قزح من المتوقّع أن تصبح أقلّ وضوحاً في المناطق المكتظة بالسكان والملوّثة.
اقرأ أيضاً: دراسة: الشعاب المرجانية قد تتكيّف مع تغيّر المناخ
الكائنات الحيّة تكتسب ألوانها من طبيعة المكان الذي تعيش فيه
تتغيّر ألوان الطبيعة باستمرار استجابةً لضغوط الانتقاء الطبيعي. ومن الأمثلة البارزة على ذلك فراشة الفلفل التي تحوّلت إلى اللون الأسود خلال الثورة الصناعية لتتلاءم مع البيئة المحيطة السخامية.
ولكن من المرجّح أن تكون هناك تغيّرات أسرع وأوسع نطاقاً في المستقبل بسبب النشاط البشري. يقول ريكاردو سبانيول من الجامعة الفيدرالية في ريو غراندي دو سول: "حتى كوكب الأرض نفسه يفقد سطوعه كما يُرى من الفضاء. إنه لأمرٌ مثيرٌ للإعجاب ومثيرٌ للقلق حقاً مدى ترابط هذه العمليات، وكيف أنّ كلّ تأثيرٍ يؤدّي إلى عواقب وخيمة".
حتى الآن، حدّد الباحثون 21 نوعاً في مزارع الأوكالبتوس بأستراليا، و31 نوعاً في الغابات الطبيعية، على الرغم من وجود العديد منها لم يتمّ تحديدها بعد. ودرس الباحثون الغابات والمزارع في ولاية إسبيريتو سانتو البرازيلية، شمال ريو دي جانيرو.
تقول الباحثة الرئيسية، مايدر إغليسياس-كاراسكو، من جامعة كوبنهاغن: "من البديهي أنّ مجتمعات الفراشات في مزارع الكينا تهيمن عليها الأنواع ذات اللون البني"، مضيفةً أنّ هناك "شعوراً عامّاً بالفراغ في المزارع".
Biodiversity Loss: Deforestation’s True Cost
— Toward a more sustainable Future! (@NawahBlog) October 1, 2025
Forests are more than trees; they’re lifelines. When they fall, species, communities & ecosystems unravel. Here’s how deforestation drives biodiversity loss 👇 #Deforestation #Biodiversity pic.twitter.com/0IUc9SDls9
تناقص تنوّع الألوان يعكس تآكل الأداء البيئي
اكتشف الباحثون للمرة الأولى عام 2019 أنّ التنوّع اللوني في الأمازون قد يتحوّل إلى عائق. وأمضى سبانيول عدة أسابيع في الغابة المطيرة، واكتشف فريقه أنّ أنواع الفراشات تتغيّر بشكل كبير تبعاً لبيئتها، وتبعتها ألوانها.
يقول سبانيول: "غالباً ما تكون الأنواع الأكثر تنوّعاًَ لونيّاً هي أول ما يختفي محلياً بعد إزالة الغابات، ربما بسبب فقدان النباتات المحلية وزيادة تعرّضها للحيوانات المفترسة. وهذا يمثّل عملية متسارعة لتغيّر اللون في مجتمعات الفراشات الأمازونية".
عادةً ما كانت الفراشات التي بقيت في المناطق التي أُزيلت منها الغابات ذات أجنحة وأجسام بنية أو رمادية. ومع ذلك، في غابة محمية، عُثر على مجموعة مبهرة من الفراشات شديدة الألوان إلى جانب الفراشات الباهتة. لم يتوقّع الباحثون العثور على نمط واضح ومتسق كهذا، ويقولون إنه فتح مجالاً جديداً للبحث في كيفية تأثير فقدان الموائل على التنوّع البيئي.
يقول سبانيول: "كان اكتشاف فقدان الغابات لألوانها أمراً مخيفاً وكاشفاً. شعرنا وكأننا نكتشف بُعداً خفياً في كيفية استجابة الأنواع للتغيّر البيئي، بُعد ظلّ خفياً حتى ذلك الحين، ولكنه غنيٌّ للغاية"، مردفاً: "عندما يتناقص تنوّع الألوان، فقد يشير ذلك إلى تآكل الأداء البيئي".
ويضيف: "غالباً ما تُعتبر الفراشات مؤشرات على اتجاهات أوسع للتنوّع البيولوجي"، و"قد يعكس انخفاض تنوّع ألوانها فقداناً في تعقيد النظم البيئية ككل، مع آثار متتالية محتملة على الكائنات الحية الأخرى والعمليات البيئية".
Humans are rapidly terminating life on Earth
— GO GREEN (@ECOWARRIORSS) October 22, 2024
The insect apocalypse is upon us
Bees and butterflies could disappear forever
40% of world insects are in rapid decline and facing extinction due to Industrial Arg, habitat destruction, urbanization and mass use of deadly pesticides pic.twitter.com/McjBF00aoB