ترامب وهاريس.. سباق محتدم إلى البيت الأبيض
نص الحلقة
مايا رزق: للمرة الثانية مشاهدينا يتنافس دونالد ترامب مع امرأةٍ في السباق نحو البيت الأبيض.
في الأولى، قَلَبَ الملياردير الأمور رأسًا على عقب، وأطاح هيلاري كلينتون، وفي هذه المرة سيكون في مواجهة مُحْتَدِمة بالرؤى والسياسة، هي كامالا هاريس، فمَن تكون؟
تقرير: توصَف بالمحامية الصلبة. هي إبنة باحثة هندية في مجال الطب، واقتصادي جامايكي وزوجة محامٍ يهودي. يقول البعض عنها إنها نسخة أنثوية من الرئيس السابق باراك أوباما، وتتطلّع إلى أن تصبح أول سيّدة للبيت الأبيض، كرئيسةٍ للولايات المتحدة بعدما جرَّبت شعور الرئاسة مدّة ساعة ونصف الساعة عندما خضع بايدن لفحص روتينيّ.
ترعرعت كامالا في حيّ بيركلي الذي تسكنه أغلبيّة من أصولٍ أفريقيةٍ، وبعد انفصال والديها تربَّت مع أمِّها الهندوسية، ولهذا تُبدي ارتباطًا وثيقًا بتُراثها الهندي.
إبنة أوكلاند درست السياسة والاقتصاد ثمّ القانون في كلية هيستينغز. بعد التخرُّج اختارت المُحاماة مِهنة، وعُيِّنت لاحِقًا مُحامية في مكتب المُدّعي العام لمنطقة سان فرنسيسكو. وفي عام 2003، انْتُخِبَت مُدَّعية عامة في الولاية عينها، وأُعيد انتخابها لولايةٍ ثانيةٍ بعد أربع سنوات.
ولاحقًا انْتُخِبَت مُدَّعية عامة لولاية كاليفورنيا، وكانت أول امرأة أميركية من أصلٍ أفريقي تشغل هذا المنصب، وأشرفت على أول زواج مِثلي في الولاية.
دخلت العمل السياسي عام 2016 عندما ترشَّحت لانتخابات مجلس الشيوخ، وأصبحت أول سيناتور من أصلٍ هندي في تاريخ أميركا.
مواجهتها ترامب بدأتها تحت قبّة المجلس، حيث اشتهرت بمُعارضة قرارات إدارة ترامب في ولايته، فضلاً عن استجواباتها الحادَّة في جلسات الاستماع للقُضاة المُقْتَرحين للمحكمة العُليا.
ترشَّحت للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ونالت الإعجاب بعدما انتقدت بايدن لتأييده الفصل العُنصري في السبعينات، قبل أن تنسحب من السباق، وتؤيّد الرئيس الحالي الذي اختارها نائبة له، ثمّ حلَّت بدلاً منه بعد عزوفه عن الترشُّح لولايةٍ ثانيةٍ الصيف الفائت.
في نظرتها للمنطقة، تؤمِن بحلّ الدولتين في فلسطين، لكنّها من الداعِمين الأساسيين لإسرائيل. تدعو إلى وقف الحرب، لكنها في الوقت عينه تُعارِض أيّ تحقيق للمحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب التي ارتُكِبَت بحقّ الفلسطينيين.
أما برنامجها الاقتصاديّ، فيلحظ مُعالجة الفجوات الاقتصادية والاجتماعية عبر زيادة الإنفاق العام، وتوفير الحماية الاجتماعية.
أحمد محيي الدين، الميادين.
مايا رزق: أرحِّب ببهية حلاوي مُديرة الميادين أونلاين. مرحبًا بكِ من جديد دكتورة بهية.
إذاً تابعنا هذا التقرير الذي يُعرِّفنا بكامالا هاريس. قالت اليوم، إما أن يكون هو، أو أنا في البيت الأبيض. طبعًا تتوجَّه بالحديث لدونالد ترامب. وإذا كان فهو فسوف يجلس هناك يُفكّر بقائمةِ أعدائه، ويُخطّط للانتقام، مقابل ما سأفعله إذا انتخبت رئيسة، وهو العمل منذ اليوم الأول على قائمة المهام الخاصة بي نيابة عن الشعب الأميركي.
هذا ما قالته هاريس في الساعات الماضية، إما أنا، أو لا ديمقراطية، هكذا تريد أن تختصر، إما أنا أو لا أحلام للأميركيين، إما أنا أو لا أحلام جيِّدة للأميركيين على الصُعُد كافة.
أية صورة أرادت هاريس أن توصِلها للناخِب الأميركي خلال الحملة الانتخابية التي التحقت بها مُتأخِّرة؟
بهية حلاوي: منذ اللحظة التي وقع الخيار فيها على هاريس بعد انسحاب بايدن، والأداء الكارثي الذي شهدناه له في المُناظرة الأولى مقابل المُرشّح دونالد ترامب، حاولت هاريس إعادة تعريف نفسها وإعادة تعريف الصورة التي قدَّمتها أمام الجمهور، لماذا مايا؟ بالدرجة الأولى لأنه خلال فترة رئاسة جو بايدن، كان أداء كامالا هاريس ضعيفًا جدًا، كان حضورها ضعيفًا جدًا، ولم تقدِّم أيّ أداء نوعي، أو أداء مُلْفِت في أيٍّ من الملفات التي أوكِلَت إليها. لو تذكرين، أننا كنّا نسمع دائمًا ونَرْصُد في الإعلام الغربي كيف حاولوا التركيز على جزئيّة أن كامالا هاريس تشارك في بعض النشاطات، وتتلقَّى بعض الاتصالات، أو تقوم ببعض الاتصالات والمُبادرات لدَحْضِ الشائعات التي كانت تقول إن علاقتها سيّئة بالمُتابعين في البيت الأبيض، وبفريق عمل الرئيس جو بايدن.
بطبيعة الحال، منذ لحظة الترويج لكامالا هاريس كرئيسةٍ مُرشَّحةٍ للبلاد، وليس فقط نائب الرئيس جو بايدن، حاولت التركيز أساسًا، أو الانطلاق من علاقة ترامب مع الديمقراطية الأميركية، وكلّ ما صدر عنه في فترة رئاسته، وبعد غزوة الكابيتول تحديدًا، لتقول إنها النقيض من هذا الأداء الكارثيّ على صورة البلاد، وما سيُقدِّمه دونالد ترامب بحال فاز برئاسةٍ ثانيةٍ. أيضًا حاولت أن تُركّز على أصولها، والاستثمار بهذا الموضوع لاستقطاب شرائح الأميركيين من أصولٍ مختلفةٍ، ولتقول إنّ هذه هي الولايات المتحدة الأميركية، الأرض التي تسمح للأشخاص الذين يشبهونها بأن يصلوا لمنصب رئيس لهذه البلاد.
طبعًا ركَّزت على موضوع المرأة، كونها ستكون أول امرأة تصل إلى البيت الأبيض فعليًا، لو فازت في هذه الانتخابات. ركَّزت أيضًا على موضوع الشباب، خاصة الفئات المُتعلِّمة، والجيل زد، لاحظنا هذا الأمر من خلال التعاون والاستثمار بعلاقتها مع المؤثِّرين من فنّانين ومن مطربين ومشاهير موجودين في الولايات المتحدة الأميركية، وبطبيعة الحال أيضًا علاقتها مع باراك أوباما وزوجته، اللذين زكّياها واستفادت من رصيدهما أمام الجمهور للتعامُل معه، وإقناع هذه الفئات المُتردِّدة، خاصة في الولايات المُتأرْجِحة، بشكلٍ أو بآخر.
لا شكّ أنها حاولت أن تقدِّم نفسها على أنها تقدُّمية بعض الشيء ونأت بنفسها عن بعض سياسات جو بايدن، خاصة في ما يتعلّق بموضوع غزَّة وإسرائيل، وكأنّها للحظةٍ لم تكن جزءًا من هذه الولاية، وقدَّمت وعودًا جديدة وتأكيدات جديدة لعددٍ من المُحْتَجِّين والمُتظاهِرين الذين واجهوها بمطالبات لوقف الحرب في غزَّة. ورغم هذه الصورة العامة، تحاول اليوم بموضوع الإجهاض أن تُركِّز أيضًا على النساء اللواتي قد يدعمن الحزب الجمهوري بشكلٍ أو بآخر، ولكن بهذه الجزئيّة تستطيع أن تُغيِّر آراءهنّ أو أن تقنعهنّ بالتصويت للحزب الديمقراطي.
مايا رزق: سنتحدَّث عن تأثير كامالا هاريس على صوت النساء في الولايات المتحدة الأميركية، ولكن إسمحي لي بهية بأن أشير إلى ما تنقله وسائل إعلام أميركية عن فوز ترامب بولايتيّ إنديانا وكنتاكي، وبذلك يحصل مُشاهدينا الكِرام على تسعة عشر صوتًا في المجمع الانتخابي، فيما كامالا هاريس تفوز بفرمونت، وبذلك تفوز على ثلاثة أصوات في المجمع الانتخابي.
ينضمّ إلينا الآن ضيفنا دان بويلان، هو مُحرِّر شؤون الأمن القومي في صحيفة واشنطن تايمز، ينضمّ إلينا من واشنطن.
إذاً يبدو أنّ النتائج الأولى بدأت تظهر سيّد دان. نتوقّف عندها سريعًا، عِلمًا بأنّها كانت مُتوقَّعة في ما يخصّ إنديانا وكنتاكي.
دان بويلان: صحيح، كان من المُتوقّع أنّ هذه الولايات سيفوز بها الجمهوريون. إنديانا وكنتاكي كان من المُتوقَّع أن تذهبا إلى الجمهوريين، ودونالد ترامب مُرشَّح جمهوري. لهذا هو لم يبذل جهدًا كبيرًا كمُرشَّح هناك، وأيضًا كامالا هاريس لم تمض الكثير من الوقت هناك. هاتان الولايتان صوّت الناخِبون فيهما لدونالد ترامب، وأيضًا كما ذكرت فيرمونت هي قريبة جدًا وأيضًا ولاية نيو إنغلاد، هذه معروف أنها ولاية ديمقراطية، والسيناتورات فيها أكثر ليبرالية من ولاياتٍ أخرى. الآن الناس مُتلهِّفون لسماع التحديثات حول هذه الولاية.
مايا رزق: كنّا نتحدَّث قبل قليل عن الشخصية التي أرادت كامالا هاريس إيصالها إلى الناخِب الأميركي، وكما ذكرنا بأنها حاولت ربما إستمالة الناخِب العربي والمسلم بالتحديد من خلال ربما تقديم وجهة نظر مختلفة، أو مُتبايِنة قليلاً عن وجهة نظر بايدن حيال ما يحصل من حرب إبادة في غزَّة. هي تَعِدُ بوضعِ حدٍّ لهذه الحرب ووقف قتل الأبرياء إلى حدٍّ كبيرٍ، وإعادة ربما الرهائن الموجودين في غزَّة.
كيف تُقيِّم هذا الموقف، وبرأيك ماذا باستطاعة كامالا هاريس أن تُقدِّم أكثر ممّا قدَّمه بايدن في هذا الملف بالتحديد؟
دان بويلان: سؤال جيِّد، وأنا أتشرَّف أن أكون على الميادين لأُخاطِب المشاهدين في الشرق الأوسط حول هذه الأهداف. اليوم، الولايات المتحدة تخوض انتخابات مُراقَبة من العالم أجمع، وأعلن أنّ العيون في الشرق الأوسط الآن تتَّجه نحو كامالا هاريس ودونالد ترامب، ويتساءلون مَن سيكون في البيت الأبيض ويخدم كرئيسٍ للولايات المتحدة الأميركية.
السؤال الذي طرحته، كيف ستأخذ هاريس منحىً مُختلفًا عن بايدن، سأتحدَّث عن ذلك هنا. أعتقد أنّ الجواب لديه العديد من الجوانب. كامالا هاريس كانت نائبة الرئيس لثلاث سنوات، وعندما تكون نائبة الرئيس في الحقيقة لا تمتلك الكثير من النفوذ، لأن وظيفتك لا تعني شيئًا في المستوى التنفيذي إلا إذا كان الرئيس غائِبًا. ما أعنيه بذلك، لمدّة ثلاث سنوات لم تكن تتفاعَل بشكلٍ كبيرٍ مع نتنياهو، السياسة الخارجية كانت تأتي مباشرة من بايدن. لذلك، يمكن أن ننظر إليها كبدايةٍ جديدةٍ، ولهذا أبعدت نفسها عن بايدن، وبداية جديدة تعني أنّ بايدن لديه تاريخًا طويلاً مع إسرائيل والشرق الأوسط، كنائبٍ للرئيس في عهد باراك أوباما، وفي فترة حرب العراق، وحرب أفغانستان، وبعد أحداث 11 سبتمبر، جو بايدن كان عضو مجلس شيوخ، وكان يتفاعل مع كل الأحداث في الشرق الأوسط، وتاريخه طويل في هذه المنطقة، بينما كامالا هاريس هي كانت عضو مجلس شيوخ لسنتين فقط، وأيضًا نائبة رئيس، ولهذا تاريخها أقلّ، بما يعني أنّه يمكن أن تكون لديها بداية جديدة.
الكلام بشكلٍ عام هنا، حول التعاطُف مع إسرائيل، بما يتعلّق بأحداث أكتوبر، وأيضًا إبطاء تسليم الأسلحة إلى إسرائيل، وأيضًا عدم إبقاء اللّوم بعيدًا عن إسرائيل، بينما دونالد ترامب يعطي إسرائيل كل الدعم، ولهذا هاريس تمثّل بداية جديدة في السياسة الخارجية للعديد من المسلمين الذين يتابعون هذه الانتخابات. ولكن السؤال، هل ستفعل ذلك في حال تمّ انتخابها؟
مايا رزق: بالفعل، هذا السؤال سيظلُّ ربما حاضِرًا في ذِهْنِ الكلّ في العالم، بانتظار ما إذا ستصل إلى البيت الأبيض، وستتَّخذ مثل هكذا قرارات حاسِمة.
نشير مُشاهدينا الكرام إلى بيرني ساندرز الديمقراطي يفوز بإعادة انتخابه لولاية رابعة في مجلس الشيوخ ممثّلاً عن ولاية فيرمونت، ومن هنا نشير مشاهدينا الكرام إلى أن هذه الانتخابات لن تكشف فقط عن هوية الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، ففي هذه الانتخابات سيتمّ اختيار جميع أعضاء مجلس النواب، وعددهم 435، وأيضًا ستتمّ معرفة 34 مقعدًا لمجلس الشيوخ، و11 حاكِمًا للولايات.
إذاً هي ليست فقط انتخابات لرئيس الولايات المتحدة الأميركية. ينضمّ إلينا موسى عاصي مدير مكتب الميادين في جنيف.
أهلاً ومرحبًا بك زميلي موسى في هذه التغطية المُتواصلة على شاشة الميادين لمُواكبة الانتخابات الأميركية.
تقول واشنطن بوست في تقريرٍ لها زميلي موسى، بأنّ الأوروبيين يفضِّلون وصول كامالا هاريس إلى سُدَّة الرئاسة على حساب بايدن، ربما لأنّهم لم ينسوا حتى اليوم الإجراءات التي قام بها بايدن بحقّ القارّة العجوز.
موسى عاصي: ليس كلّ الأوروبيين طبعًا، يتمنّون وصول كامالا هاريس. هناك مجموعة من الدول كهنغاريا وسلوفاكيا وأيضًا إيطاليا ربما، جورجيا ميلوني، وأيضًا هولندا، وفي هذه الدول يحكم اليمين المُتطرّف الأوروبي، وبطبيعة الحال بعض زعماء هذه الدول كفيكتور أوربان وَعَدَ بأن يُنظّم احتفالاً كبيرًا في حال فوز دونالد ترامب. ولكن ما تقولينه يصحّ على أكثريّة الدول الأوروبية، ولا سيما دول أوروبا الغربية التي لا تزال تعيش كابوس الولاية الأولى في العلاقة مع دونالد ترامب.
دونالد ترامب وَعَدَ خلال الأيام الماضية في الحملة الانتخابية أنه سيرفع تعرفة الجمارك على كل الصادرات الأوروبية باتجاه الولايات المتحدة الأميركية بنسبةٍ تتراوح بين 10 و20 في المائة، وهذا سيُكلّف الأوروبيين خسارة تُقدَّر بـ150 مليار دولار. إذاً قبل وصوله إلى البيت الأبيض بدأ دونالد ترامب يُزعِج الأوروبيين بشكلٍ كبيرٍ، خصوصًا أكبر اقتصاد في القارّة الأوروبية، ونتحدَّث عن ألمانيا التي اليوم تواجُه أزمات عديدة، إنْ كان على المستوى السياسي وهذه الهشاشة في النظام الألماني، النظام السياسي في ألمانيا الذي يحكمه ائتلاف ثلاثي الأحزاب، وهو ائتلاف هشّ بشكلٍ كبيرٍ جدًا، بعد خساراته الكثيرة في المراحل الماضية في الانتخابات المحلية في مواجهة اليمين المُتطرِّف.
إذاً أوروبا طبعًا، تتمنَّى وصول كامالا هاريس، ولكن علينا أن نأخذ هذه المُلاحظات بعين الاعتبار، أنّ مُجْمَل الأوروبيين ومراكز الدراسات في أوروبا يقولون اليوم بأنه حتى لو وصلت كامالا هاريس إلى الرئاسة، فإن شهر العسل الأوروبي لن يطول، على أساس أنّ الديمقراطيين والجمهوريين لم يعودوا يتطلَّعون بشكلٍ كبيرٍ إلى هذه العلاقة الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي، إنما بات الشُغل الشاغِل والهمّ الكبير لدى الأميركيين هو الصين، وبالتالي سنرى حتى مع كامالا هاريس انسحابًا تدريجيًا من الدعم، ولا سيما الدعم العسكري، دعم حلف الناتو في أوروبا، وأيضًا هذه العلاقة بين ضفتيّ الأطلسي ستتراجع، حتى لو جاءت كامالا هاريس.
ولكن الفرق بين كامالا هاريس ودونالد ترامب هو أنّ صدمة الانتخابات مع دونالد ترامب ستكون مُفاجئة ومباشرة، أما مع كامالا هاريس فيمكن أن نتحدَّث عن تراجُعٍ بالعلاقات بين الطرفين بشكلٍ تدريجي.
مايا رزق: أشكرك إذًا موسى عاصي مدير مكتب الميادين، كنت معنا من جنيف، ونقلت لنا ربما ميول القارّة العجوز، وهناك تفاوت كما ذكرت في ربما تفضيل هاريس على ترامب والعكس. أشكرك جزيل الشكر موسى عاصي مدير مكتب الميادين، كنت معنا من جنيف.
أعود إليك بهية لنتحدّث أكثر عن هذه الأجواء الانتخابية بالتحديد، وقبل قليل كنّا نتحدَّث عن كامالا هاريس، كنّا نتحدَّث عن قُدرتها على استمالة المرأة في الولايات المتحدة الأميركية. يبدو بأنّها فعلاً ستجذُب هذه القاعدة الشعبية، وفي المقابل ترامب هو قادر على جَذْبِ الرجال، وتحديدًا الرجال البيض.
كيف يمكن أن نُعلّق على هذا الواقع، وماذا علينا أن نتوقَّع في هذا الإطار؟
بهية حلاوي: صحيح، بالنسبة للنساء مايا، موضوع لافِت ويستحقّ التعامُل معه والتشريح، سأستند إلى بعض الأرقام. بالنسبة للمُشاركة في التصويت المُبَكّر، تفوّقت النساء بهذا الأمر بنحو 10 نقاط مئوية، هذا أمر تعتبره كامالا هاريس يدعو للتفاؤل، باعتبار أنها تتوقَّع أن تكون نسبة تأييدها من النساء أعلى من نسبة تأييد النساء لدونالد ترمب. طبعًا كما ذكرت، دونالد ترمب يتوقَّع أن ينال الدعم أكثر بين الرجال. هذه الفجوة السياسية بين الجنسين نوعًا ما تشير إلى عَقْدٍ ربما من الاضطرابات الاجتماعية، ولا تسمح بسهولةٍ بتحديد نتائج الانتخابات.
لو أردنا أن نُشرِّح النِسَب بحسب الفئات العُمرية، نجد أنّ كامالا هاريس تتقدَّم دائمًا بين النساء البيض تحت سنّ 30 عامًا، مُقارنة بدونالد ترمب، وأيضًا عندما يتمّ استطلاع رأي النساء البيض من جميع الأعمار، نجد أنها لا تتمتَّع بأيّ دعمٍ تقريبًا مُقارنةً مع دونالد ترمب، وبالتالي ربما الكثيرون يسألون، هل يمكن أن يُعيد التاريخ نفسه، بالعودة لعام 2016 و2020، لأنّ جزءًا كبيرًا من النساء دعمن دونالد ترمب، خاصة النساء البيض، وأعطينه حتى نِسَبًا أعلى من هيلاري كلينتون، على الرغم من أنها امرأة.
مايا رزق: هذا في ما يخصّ النساء البيض، لأنها حصلت على النسبة الأكبر بما يخصّ النساء بالإجمال في الولايات المتحدة الأميركية.
بهية حلاوي: تمامًا، طبعًا بالنسبة للنساء السود، نتوقَّع أن تكون النسبة أكبر بكثير من المؤيّدين لكامالا هاريس.
مايا رزق: هل لأنها مُلوَّنة أمْ لأنها ربما تتحدَّث عن قضاياهم وما يعنيهم؟
بهية حلاوي: بطبيعة الحال القضايا مهمَّة، عندما نتحدَّث عن الهجرة وعن الاقتصاد ومُقاربة كامالا هاريس لهذه الملفات، ولكن موضوع الإجهاض سيكون عامِلاً أساسيًا بالنسبة لرأي النساء، ولمَن سيُعطين صوتهنّ، موضوع الإجهاض حتى عند النساء البيض، وجزء ممَّن كنّ سيصوّتن لدونالد ترمب قد يجدن أنّ موضوع الإجهاض يدفعهنّ لتأييد كامالا هاريس. هذا الأمر تمّت الاستفادة منه حتى في الحملات الانتخابية والإعلانات السياسية. حملة كامالا هاريس كانت تحاول أن تعمل على موضوع السرّية، وتدعو النساء من الحزب الجمهوري ليُعطينها الأصوات. وبالنسبة لموضوع النساء أيضًا، وهذا عامل أساسي جدًا، هو الشخص المُنافس، عندما نتحدَّث عن ترمب، وكانت قد صدرت عنه تصريحات مُسْتفزِّة نوعًا ما لعددٍ من النساء، نجد أنّ هذا الأمر أيضًا يجعل الكثيرات من النساء يُعدن التفكير بكيفيّة التعامُل مع وصول شخص، أو إعطاء الفرصة لوصول ترمب مرة جديدة إلى البيت الأبيض، باعتبار أنه ذكوري، يُفضّل الرجال، يستخفّ أيضًا بالنساء وأدوار النساء وما شابه.
مايا رزق: بهية، قبل أن نواصل أيضًا في قراءة ميول الناخِب الأميركي وكيفيّة الوصول إلى هذا الناخِب من قِبَل المُرشَّحَين الرئاسيَّين، نشير إلى ما نشره مركز إديسون للأبحاث، الذي أجرى مشاهدينا الكرام استطلاعًا للرأي ما بعد عملية الاقتراع، ركَّز بطبيعة الحال على الولايات المُتأرجِحة السبع، والبداية مع ولاية جورجيا، حيث أفاد 46% من الناخِبين بأنّهم ينظرون بإيجابيةٍ إلى ترمب، مقابل 49% ينظرون بإيجابيةٍ إلى هاريس. في ميشيغان، بيَّن الاستطلاع أنّ 45% ينظرون بإيجابيةٍ إلى ترمب، واللافِت بحسب الاستطلاع أنّ 48% من الناخبين ينظرون بإيجابيةٍ إلى هاريس.
ننتقل الآن إلى ولاية نيفادا. الاستطلاع يُبيِّن أنّ 47% من الناخبين فيها ينظرون بإيجابيةٍ إلى ترمب، بينما ينظر 44% بإيجابيةٍ تجاه هاريس. وفي كارولاينا الشمالية مُشاهدينا، حيث السباق على أشدِّه هناك بين ترمب وهاريس، تتفوَّق هاريس على ترمب، 48% ينظرون بإيجابيةٍ إليها، مقابل 43% لصالح ترمب.
في ولاية بنسفانيا، الأرقام جدّ مُتقارِبة بين المُرشَّحَين. 47% ينظرون نظرة إيجابية إلى ترمب، مقابل 46% لهاريس.
أعود إليك ضيفنا دان بويلان لأسألك عن هذه الميول بطبيعة الحال، وهذه التفضيلات على اختلاف الولايات المُتأرجِحة.
دان بويلان: نعم، هذا الأمر كان يُشكِّل نقطة صعبة للعديد من الحملات، وأنّ هذه حملة شَرِسَة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، حملة استثنائية لأنه لم يحصل سابقًا أنّ رئيسًا قد تنحّى مثلما فعل جو بايدن بعد مُناظرته مع ترمب في تموز الماضي، وكانت الترجيحات تشير إلى أن ترمب سيفوز على بايدن بترجيحاتٍ قصيرة، ولكن الاستطلاعات استعانت بداعمي دونالد ترمب وذلك بسبب أنه يُخاطب الناس الذين لا يصوِّتون عادةً، الناس الذين لا يشاركون عادة في الانتخابات. هؤلاء الناس من الصعب جَذْبهم، لكن منذ انتصاره في عام 2016، عدَّل من تصرُّفاته. في عام 2020، قدَّم نفسه على أنه شخص أفضل، ولكن إنْ كنت في واشنطن وتتحدَّث مع العديد من المُراقبين، العديد من الديمقراطيين يقولون إن هذه الاستطلاعات تذهب إليها الكثير من أموال الجمهوريين، وتجعل الاستطلاعات تبدو وكأنّها تميل لكفَّةٍ أخرى. هذا الأمر يعود أيضًا إلى 2020 و2022، حيث كان يشير إلى أن الجمهوريين يخوضون ما يُسمَّى الموجة الحمراء ويتقدَّمون، الأمر الذي لم يكن واقعيًا، كما حصل في 2020 في السباق، أشار إلى أن بايدن نتائجه كانت مختلفة قليلاً. والعديد من الناس في وسائل الإعلام الأميركية ينظرون إلى الولايات المُتأرجِحة ويُركِّزون على التقارُب بين المُرشَّحَين، وعندما نتحدَّث مع الفاعلين السياسيين الذين يقرأون هذه الاستطلاعات بحرفيةٍ ولديهم أبحاثهم، أيضًا يقولون إنهم لا يصدِّقون العديد من هذه الاستطلاعات، ويصلون إلى الاستنتاج نفسه، أن لا أحد يعلم ما الذي سيحدث الليلة في الولايات المتحدة الأميركية، لكن قُرب هذه الاستطلاعات يجعل الأمر دراميًا بشكلٍ كبيرٍ جدًا، ونستطيع الشعور به في كل أرجاء البلد.
مايا رزق: أذهب إليك بهية بهذا العاجِل الذي يرد عبر شاشة الميادين نقلاً عن أن بي سي نيوز، استطلاع رأي الناخِبين السود في جورجيا، لا توجد علامة على تحوّلٍ كبيرٍ من الناخبين السود لصالح دونالد ترمب، يبدو بأنهم يفضِّلون هاريس، أي المُرشَّحة الديمقراطية على المُرشَّح الجمهوري.
ومن هنا أريد أن أسألك عن الناخِب من أصولٍ أفريقيةٍ، أو The Black Voter كما يُسمَّى في الولايات المتحدة الأميركية، ليس سرًا أن الأميركيين السود، خاصة النساء، ساعدوا الرئيس جو بايدن على دخول المكتب البيضاوي منذ ما يقرُب عن أربع سنوات. أسألك عن الناخِب الأسود اليوم، هل يمكن أن نقول بأنّهم جميعًا يتشاركون الميول نفسها في ما يخصّ المُرشَّحَين؟
بهية حلاوي: إلى حدٍّ كبيرٍ، نعم، مايا. هنا سأستند إلى بعض الأرقام وبعض المؤشّرات. معظم استطلاعات الرأي وبإجماع، وهي الاستطلاعات الحديثة بطبيعة الحال، تُظْهِر لنا أنّ حوالى 7 من كل 10 ناخبين سود لديهم وجهة نظر إيجابية إلى حدٍّ ما تجاه هاريس، وبالتالي ستذهب أصوات هؤلاء للحزب الديمقراطي بطبيعة الحال، مع وجود اختلافات قليلة بين الناخبين، خاصة عندما نتحدَّث عن المُقارنة بين الرجال والنساء. طبعًا أيضًا العُمر والفئات العُمرية تؤثّر إلى حدٍّ كبيرٍ، على طبيعة الأرقام التي تظهر هنا، نجد أنه كلما كانت الفئات العُمرية أقرب إلى جيل الشباب، وخاصة الفئات المُتعلِّمة، أيضًا هؤلاء يؤيِّدون هاريس بشكلٍ أكبر من أيّة فئة أخرى.
آراء الناخبين السود تجاه الرئيس السابق دونالد ترمب كانت سلبيةً بشكلٍ ساحقٍ. يجب أن نتذكَّر هذا الأمر دائمًا، وأيضًا تصريحاته، وصفوها مِرارًا وتكرارًا بأنها عُنصرية وغير مُنْصِفة.
مايا رزق: ولا ننسى أنّ حركة Black Lives Matter كانت في عهد الرئيس ترمب.
بهية حلاوي: تمامًا. هذا يؤكِّد التحدّيات التي يواجهها الرئيس، المُرشَّح الحالي، دونالد ترمب، وهو حاول استغلال عدم قوَّة الدعم لكامالا هاريس من فئة السود، ولكن الرجال تحديدًا، أو الذكور. قلَّة من هؤلاء تبيَّن أنهم فعلاً يدعمون الحزب الجمهوري، ربما لا يدعمون كامالا هاريس بنفس المستوى الذي تدعمها النساء به، وهذا ظهر في الاستطلاعات، ولكن لم يلجأوا للتصويت للحزب الجمهوري وفقًا لهذه النتائج. ثُلثا الناخبين السود يُعْتبَرون ديمقراطيين، حوالى 2 من أصل كل 10 يُعْتبَرون مُستقلّين، وحوالى 1 فقط من كل 10 مُسْتَطْلَعين يُعتبَرون جمهوريين، وهذه فجوة كبيرة في وجهات النظر حول المُرشَّحَين، نجد أنّه مع نسبة التأييد المُرتفعة لكامالا هاريس، ولكن هذه جزئية لافِتة جدًا، الناخِب الأسود لم يتأكّد من أن كامالا هاريس، أو لم تكن نِسَب التأكيد بأنّ كامالا هاريس ستضع البلاد في مواقف أفضل أو بصورةٍ أفضل مُرتفعة، وبالتالي كان لديها تحدّ فعلي بإقناع هؤلاء بأنها ستكون رئيسة جيِّدة للبلاد وستُحْدِث تغييرات كبيرة. هذا طبعًا ما حاول استغلاله القيِّمون على حملة دونالد ترمب، سخَّروا الكثير من جلسات الاستماع والندوات والفعاليات المجتمعية في مناطق مختلفة، وتحديدًا في الأحياء السوداء، مدن مثل فيلادلفيا لتنسيق نوعٍ من الجولات للاستماع ولإعطاء المساحة لهؤلاء للتحدُّث عن مشاعرهم ورغباتهم والمُلاحظات التي كانت على حملة بايدن أو رئاسته السابقة.
انطلاقًا ممّا ورد في العاجِل مايا، بعض المواقع فعلاً رَصَدنا فيها مقالات رأي وحتى مقالات معرفيّة تسأل، هل فعلاً اتَّجه عدد من الناخِبين السود نحو ترمب والحزب الجمهوري؟ الإجابة باختصار، أيضًا وبإجماع الجزء الأكبر من هذه المواد، كانت لا، الأدلَّة قليلة جدًا على هذا المؤشّر، ربما يكون الطرح مجازًا ولكن الأرقام والدلالات العلمية التي استندوا إليها نفت هذا الموضوع ونفت هذا التأييد للحزب الجمهوري، والتفسير السياسي لبيانات استطلاع الرأي، وبالتالي دعوا للمزيد من التواصُل، والمزيد من الغَوْصِ في الأرقام الجديدة لمعرفة فعلاً إنْ كانت هذه النظريات موجودة أو غير موجودة.
مايا رزق: نواصل هذا التشريح الديموغرافي معكم ضيفنا السيّد دان بويلان. تحدَّثنا ربما عن صوت السود في الولايات المتحدة الأميركية. باراك أوباما، الرئيس الأسبق، الداعِم لكامالا هاريس في حملتها دعا المسلمين واليهود الأميركيين إلى التصويت لهاريس.
سأسألك عن الصوت اليهودي بالتحديد. ما هو حجم هذا الصوت في هذا السباق الانتخابي، وهل هو موحَّد؟
دان بويلان: الصوت اليهودي حسب الإحصائيات التي ظهرت منذ شهر، أنّ 70 في المئة من الإسرائيليين، من إسرائيل، يؤيِّدون دونالد ترامب، بينما 70% من اليهود الأميركيين يؤيِّدون كامالا هاريس. أعتقد أنّ هذا يشير إلى أنّ اليهود أغلبيّتهم ديمقراطيون، العديد من اليهود الذين يعيشون في نيويورك وكاليفورنا وكل مكانٍ في الواقع، في الأماكن المُكتظَّة بالسكان في الولايات المتحدة الأميركية، وهذه الأماكن السكنية، مُعظمهم ديمقراطيون، واليهود يكونون ليبراليين. هناك أيضًا نقاش حول المجتمع اليهودي الأميركي، حول نشاطات إسرائيل في غزَّة، والحديث حول العديد من اليهود الذين يتظاهرون احتجاجًا على الأعمال الإسرائيلية في لبنان وفي فلسطين، ويتساءلون ماذا نفعل في غزَّة ولبنان الآن، إنّ هذا ليس عادِلاً، والعديد يصفون ما يجري بالإبادة. اليهود في أميركا هم مختلفون عن اليهود في إسرائيل. اليهود في أميركا هم مَرِنون أكثر، ويرون الأمور من منظورٍ مختلفٍ، يرون أنّ كامالا هاريس يمكن أن تكون مَن تحلّ السلام في هذا الصِراع، بصورةٍ أسرع، وأيضًا يتفهَّمون أنّ دونالد ترامب هو صديق قديم لنتنياهو، وأنّ أيّ شيء قد يفعله دونالد ترمب ربما يزيد الأمور سوءًا في المنطقة.
مايا رزق: ومن هنا نشير مُشاهدينا الكرام إلى أنه حتى الساعة يبدو أن ترامب فاز بثلاث ولايات، نتحدّث عن وست فرجينيا، إنديانا وكنتاكي، فيما حتى اللحظة النتائج الرسمية تشير إلى فوز هاريس في ولاية فيرمونت.
انضمّ إلينا مباشرة مهدي ديراني، دائمًا لقراءة أولى النتائج، وربما ما إذا كانت هناك أرقام في الولايات المُتأرجِحة حتى اللحظة؟
مهدي ديراني: مايا، في هذه الأثناء يمكن أن نقول بأن هناك 4 ولايات حُسِمَت لصالح ترامب، وفي المقابل هناك ولاية واحدة حُسِمَت لصالح كامالا هاريس.
بالنسبة إلى كامالا هاريس، الولاية التي فازت بها هي فيرمونت، وعدد المندوبين فيها هو 3. وبالتالي، يمكننا أن نقول بأنّ هذه الولاية هي بطبيعة الحال ولاية زرقاء، أي هي ديمقراطية، وما زالت بِيَدِ الديمقراطيين، وهو أمر طبيعي في هذه الولايات التي تُعْتَبر من الولايات الثابتة الولاء.
مايا رزق: كذلك الأمر بالنسبة للولايات التي فاز بها دونالد ترمب.
مهدي ديراني: صحيح، وبالتالي نحن نتحدَّث عن 3 ولايات بالنسبة لترمب، إنديانا، ما يقارب حتى اللحظة بنسبة 61% لصالح ترمب، وبالتالي نحن نتحدَّث عن إنديانا فيها 11 مندوبًا، باتوا لصالح دونالد ترمب، وإضافة إلى ذلك هناك أيضًا ولاية كنتاكي وهي أيضًا من الولايات التي فاز بها دونالد ترمب وعدد المندوبين فيها هو 8، وإضافة إلى ذلك أيضًا مايا، هناك ولاية فيرجينيا، وهي الولاية الأخيرة التي صدرت نتائجها، وحتى هذه اللحظة يمكننا أن نقول إنها حُسِمَت لصالح ترمب. ولكن من المهم هنا مايا أن نقول بأنّ الطريق الأسرع ربما لهاريس.
مايا رزق: هذا ما أريد أن أسألك عنه بالتحديد. ما هي الطريق الأسرع بالنسبة لهاريس للوصول إلى البيت الأبيض في ما يخصّ الولايات المُتأرجِحة؟ أي ما هو عدد الولايات التي يجب أن تضعها هاريس في سلَّتها كي تصل إلى البيت الأبيض؟
مهدي ديراني: بما يخصّ الطريق الأسرع لكل من كامالا هاريس وايضًا لدونالد ترمب، لا بدّ هنا من أن نذكِّر بأنّ ما تحتاجه هو الوصول إلى 270 صوتًا، الرقم الذهبي، للوصول إلى البيت الأبيض، إضافة إلى الحصول على الولايات الثابتة، وهي الولايات الزرقاء، يجب عليها أن تضمن الفوز بكل من ولايتيّ ويسكونسن، وفيها 10 مندوبين، وكذلك يجب عليها الفوز كذلك بولاية بنسلفانيا، هذه الولاية يوجد فيها 19 مندوبًا، وكذلك عليها الفوز بولايةٍ ثالثةٍ وهي مينيسوتا. وبالتالي يمكننا أن نقول إن هذه الولايات الثلاث يجب عليها أن تفوز بها لكي تضمن بالتالي الدخول إلى البيت الأبيض.
مايا رزق: وماذا عن ترمب؟
مهدي ديراني: أما بالنسبة إلى ترمب، فالأمر يمكننا أن نقول إنه مُعقَّد إلى حدٍّ ما بما يخصّ بنسلفانيا. هذه الولاية يجب عليه أن يضمن الفوز فيها بشكلٍ أساسي، إضافة إلى ولاياتٍ أخرى، هي أربع ولايات، بطبيعة الحال إضافة إلى بنسلفانيا، نتحدَّث عن نيفادا، هذه الولاية يوجد فيها ستة مندوبين، يجب أن يفوز بهذه الولاية، وكذلك يجب عليه الفوز بأريزونا، وأيضًا يجب عليه الفوز بولاية جورجيا، هذه الولاية فيها 16 مندوبًا، وأيضًا عليه الفوز بولاية نورث كارولاينا. هذه إذاً بالمُجْمَل.
مايا رزق: الطريق الأسرع للمُرشَّحَين. سنكتشف تِباعًا مَن سيصل أولاً إلى البيت الأبيض، وستواكبنا بكل المُستجدّات بما يخصّ الأرقام. أشكرك مهدي ديراني.
أذهب إليك ضيفنا سيّد دان بويلان. قبل قليل، أعلن عن إغلاق صناديق الاقتراع في أوهايو وفيرجينيا الغربية وكارولاينا الشمالية، وهي واحدة من الولايات السبع المُتأرجِحة.
أسألك عن نورث كارولاينا. زارها ترمب 4 مرات خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من حملته الانتخابية. ما هو حجم تعويل ترمب على هذه الولاية التي فاز بها في عاميّ 2016 و2020، وأيضًا هي اتّشحت باللون الأحمر منذ عام 2012؟
دان بويلان: نعم، هذا سؤال جيِّد جدًا. إن الوضع دقيق جدًا في هذه الولاية المُتأرجِحة. أعلم أن العديد من المُراقبين السياسيين في نورث كارولاينا يتأرجَحون، مثل موسيقى الجاز، وإن العديد من السياسيين يحبّون أن يروا هذه النكتة، إن هذه ولاية مُتأرجِحة دائمًا، وإنها تسير بعدّة اتجاهات. يمكن أن يعتبر مشاهدو الميادين أنه من المُثير للاهتمام أن الولايات المُحافِظة الجنوبية في السنين الثلاثين الماضية في التحوّل الاقتصادي الأميركي إلى الشمال الشرقي، وتحوّله إلى صناعي وأغلى، السكان تضاعفوا هناك لأن الناس هاجروا من نيويورك وشيكاغو وأماكن أخرى، وهؤلاء كانوا ليبراليين أكثر، وهذه الحال في نورث كارولاينا. لكن بشكلٍ عام، كما لاحظتم، دونالد ترمب فاز هناك في 2016 و2020، وبصورةٍ مُتقارِبة، ولكن الاستطلاعات تقول إن كارولاينا الشمالية في 2020 كان فيها تحوّل، هناك امرأة شابّة من تلك المنطقة كانت تعمل بشكلٍ ناشطٍ لجعل الناس يصوّتون لترمب. سنرى إنْ كان هذا الأمر سيحصل. أيضًا من المُثير للاهتمام أن الحاكِم الجمهوري الذي إسمه مايك روبنسون، كان شخصًا مُتطرّفًا جدًا، أفريقي أميركي لكنه شخصيّة مُتطرِّفة جدًا، وأيضًا العديد وصفوه بالنازي الأسود، هو شخصيّة مُتطرِّفة جدًا، وأنّ تحالف ترمب معه لجعل أميركا عظيمة مُجدّدًا، هذا الشخص مُتطرِّف جدًا، وسيخسر ربما 15%، لذلك أعتقد أنه سيُطيح بترمب معه، لأنّ السباق إلى الحاكِم في هذه المنطقة يجري على وتيرةٍ مُتصاعِدة، وأعتقد أنه سيخسر. في هذه الحالات، ما يحصل في الولايات المتحدة، المُرشَّح الذي يتحدَّث عن السياسات التي يخوض فيها والتفاصيل وما حدث في الماضي، خصوصًا في الأمور السلبية، هذه ستحوّل المنظور الجمهوري، وستجعله يُفكّر بآفاقٍ أخرى، وخصوصًا في التعليم، والهجمات الشخصية التي حصلت في هذه الولايات، لأن روبنسون قام بالعديد من الأمور الغريبة في ماضيه. لديّ شعور قوي جدًا أنّ كامالا هاريس ستفوز في هذه الولاية، وأنّها ستكون خطوة مُساعِدة لها لتصل إلى البيت الأبيض.
مايا رزق: سنرى ما ستقوله الأرقام في ما يخصّ ولاية نورث كارولاينا، ولكن الآن نشير إلى ما يقوله مسؤول في البيت الأبيض بأن الرئيس جو بايدن يتابع هذا اليوم الانتخابي في مكتبه البيضاوي ويُحيط نفسه بكبار الموظّفين في البيت الأبيض، وعدد من مساعديه.
في المقابل، وفي المشهد الآخر، دونالد ترمب يتابع نتائج هذه الانتخابات في مارالاغو ومعه بطبيعة الحال الملياردير في ما يخصّ التكنولوجيا إيلون ماسك.
بهية، الآن يتحدَّثون في معسكر هاريس بأن هناك يرصدون حماسة لدى الناخبين الطلاب، طلاب الجامعات، وأيضًا كانت رويترز تقول بأن الديمقراطيين يقولون بأن نسبة المُشارَكة في الانتخابات في فيلادلفيا بالتحديد قياسيّة، نتحدَّث هنا عن حماسةٍ هناك، ويقول الديمقراطيون إن الناخبين في فيلادلفيا يشاركون بأعدادٍ قياسيةٍ، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الدعم القوي من الأحياء التي يتركَّز فيها السكان البوروتوريكيون في المدينة.
أيّ سياقٍ أوصلنا إلى هنا؟
بهية حلاوي: التفاعُل مع موضوع بوروتوريكا تحديدًا هو موضوع لافِت، في تجمّع انتخابي لدونالد ترمب مايا، أطلق أحد الكوميديين قبل ساعات، على بورتوريكا إسم جزيرة القُمامة العائِمة، وهذا أثار غضب الجمهوريين والديمقراطيين على حدٍّ سواء، وطبعًا اتّهموه بالعُنصرية وبطريقة غير مقبولة، نتحدَّث هنا عن الكوميدي تونى هينتشكليف، وهو لديه مساحة باسم Kill Tony، ويتحدَّث فيها بهذا الاتجاه ويُطلق أنواعًا مختلفة من التعليقات ليمزح بين الجمهور وبين المُتابعين. ربما تكون هذه النكتة العُنصرية التي صدرت عنه مايا في هذا التجمّع، ربما دليلاً ذكّر البعض بمعاملة دونالد ترمب السيّئة، عندما كان في منصبه لهذه الفئة من الناخبين، وأيضًا حفَّزت المزيد ربما من البورتوريكيين بالتصويت أو المشاركة عبر الإدلاء بأصواتهم بشكلٍ أو بآخر في هذا التوقيت الحسّاس، حيث أصوات هذه المجموعات، أو هذه الأقلّيات في بعض الولايات المُتأرجِحة، ستكون هي الحاسِمة، والتي تعطي الولاية اللون النهائي لها. عندما نتحدَّث عن بورتوريكو، هذا يأخذنا دائمًا للحديث عن المُقترعين من أصولٍ لاتينيةٍ على وجه الخصوص. مع انتشار هؤلاء في جميع أنحاء البلاد، أصبحوا أقل انتماء للحزب الديمقراطي وهم كانوا أكثر انتماء للحزب الديمقراطي، هذا ما كان يُعْرَف عنهم في السابق. وعندما نتحدَّث أيضًا عن الفئة العُمرية الشابّة من 18 إلى 29، نجد أنهم يميلون أكثر إلى اليسار ولكنهم يسجَّلون كمُستقلّين ولا يتبنّون تسمية حزبية علنية. حوالى ما يُقارب 21 في المئة من هؤلاء الناخبين هم غير تابعين لأيّ حزبٍ. هنا أهميّة مثل هذه التصريحات أو مثل هذه الحوادث التي تحصل قبل ساعات من المشاركة، يمكن لمثل هذه التحرُّكات أو لمثل هذه التعليقات أن تحرِّك وتحفِّز هؤلاء على المشاركة، وتصبح هذه الأصوات ذات أهمية أكبر، لأننا لاحظنا أنه في بعض الولايات المُتأرجِحة بعض الآلاف من الأصوات هي كفيلة بتغيير الشكل النهائي للنتيجة.
عندما نتحدَّث أيضًا عن اللاتينيين الذين يعيشون في الولايات المُتأرجِحة مايا، نفوذهم هائل سياسيًا إذا صوّتوا فعليًا، أريزونا مثلاً فيها النسبة الأكبر من اللاتينيين من ضمن الولايات المُتأرجِحة بطبيعة الحال، رُبع الناخبين هناك من اللاتينيين. في بنسلفانيا النسبة صغيرة ولكن ستكون مؤثِّرة بلا شكَّ في هذه الانتخابات المفصلية. نائبة الرئيس لديها حظوظ، المُرشّحة كامالا هاريس لديها حظوظ أكبر بطبيعة الحال من دونالد ترمب باستقطاب هؤلاء، مع الاعتبار ربما أنّ هناك نوعًا من وحدة الحال التي استثمرت فيها وقدَّمتها واستفادت منها أيضًا في حملاتها وفي الطريقة التي توجَّهت بها لهؤلاء في حملتها الانتخابية، خلال الإعلانات، وخلال أيضًا الفعاليات الشخصية التي شاركت فيها وخاطبتهم وتواجدت بينهم. هنالك الكثير من النقاط الإضافية التي قد تؤثِّر على نسبة التصويت أو طريقة تصويت هؤلاء، لا شكّ على رأسها موضوع الاقتصاد وفُرَص العمل التي قد تقدَّم لهم.
مايا رزق: أذهب إليك سيّد دان بسؤال أخير في ما يخصّ التوقّعات لهذه الانتخابات. ربما من الصعب أن نعرف مَن سيدخل البيت الأبيض. نحن نتحدَّث عن سباقٍ حادٍّ جدًا، مُتقارِب جدًا بين هاريس وترمب، ولكن ما هي التوقّعات؟
دان بويلان: أنا أتوقّع أنّ الولايات المتحدة السنة المقبلة سيكون عُمرها 250 عامًا، وستكون ديمقراطية عبر 250 سنة والعديد من الحروب الأهلية التي مرّت بها البلاد في الماضي. لدينا ديمقراطية والعالم يراقبنا، وهذه الديمقراطية في وقتٍ صعب جدًا، للناس الذين لا يعيشون في الديمقراطية، صعب عليهم أن يفهموا كيف يحصل الأمر هنا. زوجتي تركية، والرئيس التركي موجود منذ وقت طويل، والرئيس الروسي أيضًا منذ وقت طويل، لذلك فإنّ فكرة أن المنصب يتحوّل إلى دونالد ترمب أو جو بايدن الذي كان على مدى طويل في هذه العملية، أمر صعب جدًا، خصوصًا في هذا الوقت، ومنصّات التواصُل الاجتماعي لديها استطلاعاتها، لكن هناك تفاؤل، دائمًا أقول إن الديمقراطية الجيّدة هي مثل المِرحاض، عليك دائمًا أن تشفطه، إنه نفس النظام. هذا حدث عندما أتى باراك أوباما كأول رئيس من أصلٍ أفريقي للولايات المتحدة، وهذا يعطي مؤشّرًا أن الولايات المتحدة تحوي الجميع. أنا من بوسطن، ولديّ دماء أيرلندية أيضًا، وربما مشاهدوكم القدامى في الميادين يعودون إلى تجربة جون كينيدي الذي كان أول كاثوليكي يأتي إلى البيت الأبيض وقد اغتيل، وهو أيضًا في حُقبته الذي كان يطمح للذهاب إلى القمر، وكان يقول دائمًا لا تسأل ماذا يمكن أن يفعل البلد بل اسأل ماذا يمكن أن تفعل أنت للبلاد. والليلة في الذكرى الـ250 للولايات المتحدة، من الممكن جدًا أن تحصل الولايات المتحدة على أول رئيسة أنثى في هذه البلاد.
مايا رزق: شكرًا لك سيّد دان بويلان مُحرّر شؤون الأمن القومي في صحيفة واشنطن تايمز، كنت معنا من العاصمة الأميركية.
قبل أن نختم هذه الجُرعة من تغطيتنا المفتوحة للانتخابات الرئاسية الأميركية، نشير إلى ما نقلته فوكس نيوز عن مصدر، يقول بأن حملة هاريس تشعر بالقلق بشأن سباق بنسلفانيا. وأضاف المصدر أنه سيكون من الصعب على أيٍّ من المُرشّحَين الوصول إلى الرقم الذهبي وهو 270 صوتًا إذا لم يفوزا بولاية بنسلفانيا، وهذا ما قاله لنا زميلنا مهدي ديراني قبل قليل. لكن المصدر قال إن هاريس تشعر بضغطٍ إضافي للفوز بولاية ميشيغان وكارولاينا الشمالية ونيفادا.
ونشير مشاهدينا الكرام إلى أنه حتى اللحظة ترمب فاز بوست فرجينيا، إنديانا، وكنتاكي، فيما فازت هاريس بفيرمونت.
هذه التغطية مستمرّة. ابقوا دائمًا مع الميادين. إلى اللقاء.