مجمّع ناصر الطبي: محط استهداف دائم
لم يستثنِ الاحتلال مجمّع ناصر الطبي منذ عام 1967، بعد تطويقه بعددٍ من المستوطنات الإسرائيلية، ليصبح محط استهداف دائم، ومنذ لحظات العدوان الأولى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 استهدفت طائرات الاحتلال المجمّع عبر استهداف سيارة إسعاف فيه.
-
استهدفت طائرات الاحتلال مجمّع الطبي منذ لحظات العدوان الأولى (صورة أرشيفية)
دأب جيش الاحتلال على قفص واستهداف المستشفيات والمراكز الطبية والاجتماعية والمدارس ودور الحضانة والصحافيين، فآلة الحرب في العدوان على أهل غزة تمارس حرب الإبادة الجماعية والتجويع من دون رادع.
ومع استمراره في حصار قطاع غزة، عبر إغلاق المعابر بصورة كاملة منذ نحو 6 أشهر متواصلة، يمنع الاحتلال الإسرائيلي دخول 430 صنفاً من الأغذية الأساسية التي يحتاجها الأطفال والمرضى والذين يجوّعهم.
الحال في قطاع غزة يختصر المشهد، أطفال ينامون الليالي الطويلة بلا طعام أو غذاء أو دواء فهو ما زال ممنوعاً، أما المرضى فمحرومون من العلاج أو السفر إلى الخارج لتلقّي العلاج، تلك صورة مصغّرة من جريمة إنسانية ترتكب أمام صمت مطبق من العالم بأسره، فيما أصبح جيل كامل مهدّد بالفناء نتيجة هذا الحصار.
View this post on Instagram
و أمس الإثنين واصل الاحتلال الإسرائيلي تصعيد عدوانه العنيف على قطاع غزة ، موقعاً 87 شهيداً بينهم 6 صحافيين بنيران قوات الاحتلال في قطاع غزة، بحسب ما أفاد مراسل الميادين، في سلسلة غارات متواصلة طالت منازل المدنيين في مختلف أنحاء القطاع، وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة استشهاد 11 فلسطينياً بينهم طفلان جراء التجويع، ليرتفع عدد ضحايا سوء التغذية إلى 300 شهيد بينهم 117 طفلاً، فيما شنّ الاحتلال غارتين متتاليتين على مجمّع ناصر الطبي أسفرتا عن 8 شهداء وعدد من الإصابات.
مجمّع ناصر الطبي الثاني بعد "الشفاء"
يعتبر مجمّع ناصر الطبي، ثاني أكبر مشافي قطاع غزة بعد مجمّع الشفاء، وهو يقع في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة. جرى افتتاحه في عام 1960 أثناء فترة الإدارة المصرية للقطاع، وكان بدأ بناؤه عام 1958، عقب مذبحتي عامي 1955 و1956 في خانيونس.
سميّ بهذا الاسم نسبة إلى الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وكانت إدارته من قبل ضباط مصريين، وكان يقدم خدماته أيضاً لسكان مدينتي رفح والعريش المصريتين في سيناء.
View this post on Instagram
عقب احتلال قطاع غزة في سنة 1967 وبدء الاستيطان بداخله، جرى تطويق المجمّع بعدد من المستوطنات الإسرائيلية من جهة الغرب والجنوب، ليصبح محط استهداف دائم، لكنه كان دائماً يقدّم خدماته للمواطنين خلال فترة الاعتداءات والانتفاضتين الأولى والثانية.
وبين عامي 1972 و1974، كان المستشفى مغلقاً للترميم وجرى مضاعفة طاقته الاستيعابية لتصل إلى 210 أسرّة، يُضاف إليها 20 سريراً لقسم العظام.
في عام 1985، أصبح يضم المستشفى 243 سريراً، ويتألف من أقسام الباطنية الجراحة والنسائية والولادة والأطفال والطوارئ وبنك الدم والمختبرات.
تطوّر رغم تضييق الاحتلال
و ورد في تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول الأوضاع الصحية للسكان العرب في المناطق المحتلة عام 1987 أن الاحتلال الإسرائيلي أغلق قسم العظام في المستشفى ونقلت نشاطه إلى مستشفى الشفاء في غزة.
في عام 1994، أنشئ مبنى جديد سُمي "مستشفى التحرير" وهو يتبع مجمّع ناصر الطبي، ويتكون من 3 طبقات خُصص للعلاج الطبيعي، والعيادات الخارجية، والاستقبال، والولادة والعمليات، والأطفال والحضانة.
في عام 2016، انطلقت حملة تبرعات أهلية في خان يونس لإعادة ترميم وتحديث المستشفىـ إلى أن بلغ عدد موظفي المستشفى عام 2021 حوالى 1127 موظفاً، وبلغت قدرة المستشفى السريرية نحو 512 سريراً طبياً.
يضم المجمّع عدة مبانٍ تخصصية منها: مركز هند الدغمة التخصصي للكلى، ومستشفى الياسين للجراحات، ومبنى العيادات الخارجية، ومستشفى الباطنة، ومستشفى التحرير للولادة والنساء الذي يضم قسمين: الأول للنساء والولادة والثاني للعلاج الطبيعي. وكان مخططاً إقامة مستشفى الباطنة والأطفال، وقد تم توقيع اتفاق لإنشائه، لكن العدوان حال دون ذلك.
بدأ المجمّع عمله ضمن خطط الطوارئ المعدة من قبل وزارة الصحة غزة لتلبية احتياجات المواطنين خلال العدوان، كما استقبل آلاف النازحين من المناطق القريبة والمجاورة.
استهداف في اليوم الأول للعدوان
ومنذ لحظات العدوان الأولى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 استهدفت طائرات الاحتلال المجمع الطبي بعد استهداف سيارة إسعاف كانت بالقرب منه، ما أدى إلى حدوث أضرار بالغة وتحطم زجاج شبابيك مبنى إدارة المجمع.
اقرأ أيضاً: خاص الميادين نت: رسالة مؤثرة من غرفة عمليات جراحية في بيروت إلى مستشفيات غزة (فيديو)
إرادة صلبة وعزمٌ لا يلين، يسطّره صمود إدارة وأطباء وممرضي وممرضات مشفى ناصر وجميع مستشفيات ومراكز غزة الصحية، في وجه أعتى عدوان عرفته البشرية الحديثة.
وعلى الرغم من كل ما يرتكبه المحتل من مجازر وانتهاكات يندى لها الجبين، تبقى إرادة الحياة البقاء لدى الشعب الفلسطيني أقوى، واللافت أن إدارة "مجمّع ناصر الطبي"، تواكب ما يجري عبر صفحاتها على وسائل التواصل، لجهة المناشدة والمطالبة والمواساة والتبريك وحتى تهنئة الموظفين والأطباء والممرضات والممرضين بانجازاتهم واجتراحهم للمآثر في ظل العدوان.