علماء يتتبعون انفجاراً راديوياً سريعاً قريباً من "بداية الكون"
فريق بحثي يفيد برصد انفجار راديوي مصدره 3 مليارات سنة فقط بعد"الانفجار العظيم"، مشيراً إلى أنّ هذه الإشارات العابرة هي رسل من ماضي الكون البعيد يساعد على فهم كيفية تطوّر الكون من شبابه المبكر والفوضوي إلى الكون المنظّم اليوم.
-
تمتلك الموجات الراديوية أطول موجية في الطيف الكهرومغناطيسي (رويترز)
أفاد فريق بحثي في ورقة دراسة من تأليف مانيشا كالب، من جامعة سيدني الأسترالية، باكتشاف انفجار راديوي (FRB 20240304B)، مصدره 3 مليارات سنة فقط بعد "الانفجار العظيم"، مشيرين إلى أنّ الانفجارات الراديوية السريعة تستمر بسرعة نحو ميلي ثانية، وبذلك تشفر معلومات يصعب الحصول عليها عن البلازما التي تتخلل كوننا، مقدمة رؤى ثاقبة عن المجالات المغناطيسية وتوزيعات الغاز.
Astronomers detect most distant fast radio burst, just 3 billion years after Big Bang - https://t.co/24pvk0O5ZT pic.twitter.com/MjdvCDcXFG
— Eyes to the Stars (@Eyes2TheStars) August 12, 2025
ووفق الدراسة البحثية رُصدت هذه الانفجارات، للمرة الأولى في 4 آذار/مارس 2024، بواسطة مصفوفة تلسكوبات "ميركات" الراديوية في جنوب أفريقيا، ما يجعل هذا الاكتشاف استثنائياً، هو بُعده الهائل على بعد نحو 3 مليارات سنة من "الانفجار العظيم".
وبحسب الدراسة، هذا يعني أننا "نرصد ضوءاً سافراً لأكثر من 11 مليار سنة ليصل إلى الأرض، حيث حاول الباحثون تحديد موقع المجرة المضيفة لهذا الانفجار الراديوي، باستخدام مراصد أرضية وبيانات أرشيفية، لكن ذلك لم يفلح بأي نتيجة.
ومع ذلك، نجحت عمليات المتابعة باستخدام جهازي "نيركام" و"نيرسبيك" التابعين لمرصد "جيمس ويب" الفضائي، في الكشف عن المجرة المضيفة، والحصول على انزياح طيفي أحمر.
وتشتّت دفقة الموجات الراديوية بمعدل يقارب 2330 فرسخاً فلكياً (وحدة قياس فلكية تستخدم لقياس المسافات الشاسعة بين الأجرام السماوية خارج المجموعة الشمسية) لكل سنتيمتر مكعب أثناء انتقالها عبر الفضاء، ما يشير إلى أنّ مصدرها بعيد جداً، بحسب الدراسة.
ويصف هذا القياس بدقة أكبر مدى تمدد الإشارة الراديوية وتأخيرها بفعل الإلكترونات الحرة في الفضاء، والتي تعمل كبصمة تكشف عن المسافات الشاسعة التي قطعتها الإشارة.
ويضاعف هذا الاكتشاف مدى الانزياح الأحمر للنبضات الراديوية السريعة الموضعية، ويسبر الباريونات المتأيّنة عبر نحو 80% من تاريخ الكون.
وخلال استخدام تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي، حدّد الفريق موقع الإشارة في مجرّة متكتلة منخفضة الكتلة. وبما أنّ المجرة المضيفة حديثة العهد نسبياًَ، وليست ضخمة جداً، وما تزال في طور تكوين النجوم، فإنّ وجود الانفجار الراديوي، يشير إلى أنّ أصلها يمكن أن يحدث خلال فترات زمنية قصيرة نسبياً، مثل النجوم المغناطيسية الشابة، وفق ما ذكره موقع "ساينس أليرت" Science Alert العلمي.
وهذا يدعم النظريات القائلة بأنّ الانفجارات الراديوية تنشأ من نجوم نيوترونية شديدة المغناطيسية تسمّى النجوم المغناطيسية، وليس من عمليات تتطلّب مليارات السنين لتتطوّر.
ومع دخول تلسكوبات الجيل التالي إلى الخدمة، تُشير اكتشافات مثل الانفجار الراديوي في الآونة الأخيرة، إلى مستقبل مثير، حيث تصبح هذه الإشارات العابرة رسلاً من ماضي الكون البعيد، ما يساعدنا على فهم كيفية تطوّر الكون من شبابه المبكر والفوضوي إلى الكون المنظّم الذي نراه اليوم.