الأمم المتحدة: "نهب منهجي" في جنوب السودان بينما يعاني المواطنون الجوع
محقّقو الأمم المتحدة يتهمون مسؤولين في جنوب السودان بنهب ثروات البلاد بما في ذلك دفع 1.7 مليار دولار لشركات تابعة لنائب الرئيس، بنيامين بول ميل، مقابل أعمال بناء طرق لم يتمّ تنفيذها قطّ.
-
نائب رئيس جنوب السودان بنيامين بول ميل يحضر جنازة في جوبا في جنوب السودان (رويترز)
اتهم محقّقو الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، سلطات جنوب السودان بنهب ثروات البلاد بما في ذلك دفع 1.7 مليار دولار لشركات تابعة لنائب الرئيس، بنيامين بول ميل، مقابل أعمال بناء طرق لم يتمّ تنفيذها قطّ.
وكانت المدفوعات من عام 2021 إلى عام 2024 مجرّد مثال واحد على "الفساد الكبير" في الدولة الفقيرة، وفقاً لتقرير لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان، حيث يبلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الآن ربع ما كان عليه عند الاستقلال في عام 2011.
وقالت اللجنة، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2016 بحسب "رويترز"، إنّ "البلاد أصبحت تحت سيطرة نخبة مفترسة أسست للنهب المنهجي لثروات الأمة لتحقيق مكاسب خاصة"، مشيرة إلى أنّ "مخصصات الميزانية السنوية لوحدة الرئيس الطبية تجاوزت الإنفاق الصحي في جميع أنحاء البلاد".
وفي ردّ مكتوب رسمي أرسل إلى لجنة الأمم المتحدة، قال وزير العدل في جنوب السودان، جوزيف غينغ، إنّ "التقرير استند إلى أرقام لا تتطابق مع بيانات الحكومة ذاتها"، وعزا المشكلات الاقتصادية في جنوب السودان إلى الصراع وتغيّر المناخ وانخفاض مبيعات صادراتها الرئيسية، النفط الخامّ. في حين رفض متحدّث باسم بول ميل التعليق.
لقد استمر الصراع منذ الاستقلال
وقالت اللجنة إنّ "التقرير استند إلى 173 اجتماعاً ومقابلة مستهدفة من أواخر عام 2022 إلى أواخر عام 2024 إضافة إلى وثائق حكومية وبيانات مالية"، مضيفة أنّ تركيزها على الفساد كان "مبرّراً لأنّ الفساد قوّض قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان وأدّى بشكل مباشر إلى تأجيج العنف المسلّح".
ولفت التقرير إلى أنّ "النخبة في جنوب السودان، التي تخوض منافسة محصّلتها صفر من أجل السلطة والسيطرة على الموارد والأراضي، تواصل السعي لتحقيق غايات سياسية حزبية، وتعبئة واستغلال الاختلافات والتوترات العرقية".
النفط مقابل الطرق خارج الميزانية
ويلقي التقرير المكوّن من 101 صفحة الضوء على الشركات المرتبطة ببول ميل، الذي رقّاه الرئيس، سيلفا كيير، إلى أحد مناصب نائب الرئيس الخمسة في جنوب السودان في شباط/فبراير الماضي.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة فإنّ حكومة جنوب السودان صرفت ما يقدّر بنحو 2.2 مليار دولار خلال الفترة من 2021 إلى 2024 لشركات تابعة لشركة بول ميل من خلال برنامجها خارج الميزانية "النفط مقابل الطرق". وذكر التقرير أنّ "هذا البرنامج استهلك في بعض السنوات نحو 60% من إجمالي الإنفاق الحكومي".
وعلى الرغم من النفقات، فإنّ الشركات التابعة لشركة بول ميل أنجزت طرقاً قابلة للقيادة بقيمة أقل من 500 مليون دولار، مما أدى إلى تضخيم قيمة عقود البناء من خلال المبالغة في طول الطرق، وفرض رسوم زائدة مقارنة بمعايير الصناعة، وبناء مسارات أقل من المتفق عليها، حسبما ذكر التقرير.
وفي معرض ردّه، رفض وزير العدل الاتهامات بشأن إنفاق الطرق، قائلاً إنّ "المبالغ المذكورة في التقرير مرتفعة بشكل سخيف بالنظر إلى الواقع الاقتصادي في جنوب السودان".
الإنفاق العام لا يلبّي الاحتياجات العامّة
وأضاف التقرير أنّ "أولويات الإنفاق العامّ لا تعكس التزامات الحكومة تجاه مواطنيها"، مضيفاً أنّ "أكثر من 23 مليار دولار تمّ جمعها من صادرات النفط منذ الاستقلال ذهبت إلى معالجة الاحتياجات الملحة مثل التعليم والرعاية الصحية والأمن الغذائي". وعلى سبيل المثال، في الميزانية الوطنية 2022-2023، تمّ تخصيص أموال أكثر للوحدة الطبية الرئاسية مقارنة بأنظمة الرعاية الصحية المجتمعية والعامّة والثانوية في جميع أنحاء البلاد، على حدّ قولها.