"الغارديان": لماذا يرتدي زملاء العمل الأصغر سناً ملابس تبدو كأنها من عام 2000؟

يُظهر أبناء جيل "Z" الحنين إلى الماضي في أماكن عملهم من خلال ارتداء ملابس وإكسسوارات تستحضر أسلوب عام 2000.

0:00
  • "وول ستريت جورنال": لماذا يرتدي زملاء العمل الأصغر سناً ملابس تبدو وكأنها من عام 2000؟

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تنشر مقالاً يتناول ظاهرة عودة أنماط الموضة والعادات اليومية من مطلع الألفية الثانية (2000s) بين جيل الشباب المهنيين اليوم، وكيف تعكس هذه العودة حنيناً ثقافياً واجتماعياً إلى حقبة بدت أبسط قبل سيطرة التكنولوجيا الحديثة.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

يبدو الشباب المهنيون اليوم مشابهين جداً لما كنا عليه قبل أكثر من 20 عاماً. لا أستطيع التمييز ما إذا كانوا يُحيّوننا أم يسخرون منا، فهم يتبنون أسلوب الألفية الثانية بارتدائهم قمصان "أبركرومبي آند فيتش" (Abercrombie & Fitch) ذات التصميم المربع وبناطيلها الواسعة، حتى إن بعضهم ينفق 250 دولاراً أو أكثر في متاجر الملابس القديمة ليتمكنوا من ارتداء ملابس أسلافهم نفسها. ويعجّ تطبيق "تيك توك" بمقاطع فيديو تحمل عبارات مثل "إلهام لمكاتب عام 2000"، والتي تقدم نصائح حول كيفية ارتداء ملابس تشبه تلك الخاصة بفرقة "باك ستريت بوي" (Backstreet Boy) الغائبة منذ وقت طويل أو شخصيات فرقة "ديستني تشايلد" (Destiny’s Child) المنسية.

إن الموضة متكررة، ولكن هذا لا يفسر عودة ظهور سماعات الرأس السلكية وزجاجات المياه البلاستيكية من شركة "نالجين" (Nalgene). وهناك صيحة لتقديم شخص ما لا يحتاج إلى التعريف عنه من خلال القول إن " such-and-such" أو " so-and-so" دخل الدردشة، وهذه لعبة تنبيهية كانت تُعلن دخول مشارك جديد إلى غرف الدردشة عبر الإنترنت في التسعينيات ومطلع القرن العشرين، وهي فترة لم يكن فيها الكثير من مستخدمي هذه العبارة الحاليين قد ولدوا بعد.

لعلّ الجيل القادم يُدرك ببساطة مدى روعتنا، ويرغبون في تقليد كل شيء يخصّنا من ملابسنا إلى عادات ترطيب أجسامنا أو ربما يكون تقليدهم أشبه بالتربيت على ظهورنا مع وضع لافتة "اطردني".

ارتداء الملابس بشكل أكثر جرأة

لعّل زملاء العمل الأصغر سناً يحييوننا ويسخرون منا في الوقت نفسه. فمن أجل الحصول على الراحة، يصعب إيجاد أفضل من البناطيل الواسعة التي قد تجدها في خزانات براد بيت وأخويات عام 2000. وللحصول على جرعة من طاقة النجومية، لا شيء يضاهي بلوزة الكروب توب التي ساهمت بريتني سبيرز في انتشارها في الفترة نفسها تقريباً (هذا ما قيل لي).

إن عودة الشباب في العشرينات من العمر إلى هذه الأنماط لا تسخر منّا نحن الذين ارتديناها عندما حققت أغنية "Oops!... I Did It Again" نجاحاً كبيراً على قناة "إم تي في ميوزيك" (MTV Music)، لكننا لم نجرؤ قط على ارتداء أيٍّ من هذه الملابس في العمل، وتقبلنا على الفور أن تغطية منطقة البطن وزيارة الخياط من متطلبات العمل. أما اليوم، فنجلس في الاجتماعات بجانب خريجين جدد يرتدون سراويل فضفاضة وقمصاناً قصيرة خاصة بالشركات، ويمزجون بين الزي الشخصي والزي الرسمي بثقة تبدو كأنها تسخر من امتثالنا للقواعد التي نضعها. وفي هذا السياق، تقول إيبوني بويد البالغة 34 عاماً: "لا أعلم إن كانت هذه مزحة، لكنني أعتقد بأنها واحدة من تلك الأشياء التي تجعلنا نضطر إلى الضحك على أنفسنا ونتساءل: هل كان علينا حقاً أن نكون جادين إلى هذه الدرجة؟".

منذ أول وظيفة لها في سن المراهقة قبل 20 عاماً، اتبعت بويد نهجاً تقليدياً في اختيار ملابس العمل، لأن هذا ما كان متوقعاً، وهي تعمل حالياً مساعدةً لمدير خدمات الطلاب التكاملية في كلية إدارة الأعمال في جامعة ويك فورست، وتشعر ببعض الغيرة من جرأة المهنيين الناشئين. وقد شاركت طالبة دراسات عليا مؤخراً خطتها لصبغ شعرها باللون الوردي لحضور معرض توظيف، وكانت الفكرة هي استبعاد أي صاحب عمل محتمل لا يرحب بمظهرها غير التقليدي.

ورأت بويد أن من الحكمة الحصول على وظيفة أولاً وإتقانها لفترة، ثم إظهار أسلوب أكثر بهرجة. ومع ذلك، لا يسعها إلا أن تُعجب بجرأة الطالبة التي تشبه شخصية مغنية الروك بينك. لا يتعلق الأمر بالشعر بقدر ما يتعلق بقلب الطاولة على الشركة للحكم عما إذا كانت مناسبة لك أم لا. وترى بويد أنّ الأشخاص ذوي الخبرة المحدودة أو المعدومة يتخذون نهجاً في البحث عن عمل لم تجرؤ على تجربته حتى استقرت في مسيرتها المهنية.

أبسط الوقت

لا يُبدي أفراد الجيل "Z"، الذين يشترون قمصان "جوسي كوتور" (Juicy Couture) و"فوبو" (FUBU) المستعملة، بالضرورة أي انتقاد اجتماعي لمن ارتدوها أصلاً؛ فعندما أوقفتُ بعض المتسوقين الشباب في متجر للملابس المستعملة، قالوا إنهم ببساطة أعجبوا بالأنماط التي شاهدوها في وسائل التواصل الاجتماعي، لكن البعض يقلدون جماليات عام 2000 على نحو مقصود وهادف.

ويقول كارلتون ميكو تياك، البالغ 36 عاماً، والذي يعمل في وظيفة مكتبية في دار مزادات في نيويورك ويغطي أخبار الأزياء الرجالية والمعدات ككاتب مستقل: "إن عصرنا الحالي يشبه إلى حد ما العقد الأول من القرن الحادي والعشرين من الناحية الروحية؛ فلو تأملنا في ثقافة العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لوجدنا أن هناك تقديراً وخوفاً من التكنولوجيا وتأثيرها في علاقاتنا الشخصية. وكل هذا مألوف جداً".

تبدو مخاوف الماضي مألوفة، وإن كانت غريبة، فقد كنا نشعر بالقلق من غرف الدردشة الإلكترونية إذ لم يكن واضحاً صاحب الاسم المستعار. أما اليوم، فنتساءل عمّا إذا كان هناك إنسان على الطرف الآخر أو روبوت قد يُغذي جنون العظمة الخطير لدى أحدهم. وفي هذا الإطار، تقول مصممة الأزياء الشخصية إيكاترينا كرافشينكو، البالغة 37 عاماً، إن الشباب ينجذبون إلى الملابس والإكسسوارات من أوائل الألفية، ويرجع ذلك جزئياً إلى اعتقادهم بأن تلك الفترة كانت قبل أن تتطور التكنولوجيا بشكل كبير ويبدأ العالم بالتحرك بسرعة كبيرة.

وعندما تتعب من مواكبة أحدث قوارير الماء ("ستانلي"، "هايدرو فلاسك"، "أوالا")، تلجأ إلى "نالجين" الكلاسيكية. وفي حال سئمت من سقوط سماعات AirPods على الأرض، أو نفاد بطاريتها، أو توصيلها بالكمبيوتر المحمول لإجراء مكالمة هاتفية، ستشعر بالحنين إلى الأسلاك. تقول كرافشينكو إن أحد أكثر العناصر المرغوبة بين نساء الجيل "Z" في نيويورك هو حقيبة "فندي باغيت" (Fendi Baguette) العتيقة، وهي الحقيبة المفضلة لشخصية سارة جيسيكا باركر في مسلسل " Sex and the City".

وتضيف كرافشينكو: "بعض هذه الأدوات كان مصنوعاً من النايلون. لذا، فهي ليست مادة فاخرة، لكنها تُشبه الفرصة الأخيرة لاستخدام شيء كان متاحاً للناس قبل أن تسيطر التكنولوجيا علينا ونصبح نوعاً ما منعزلين". 

قد يبدو المهنيون الشباب الذين يرتدون ما كان رائجاً عندما كانوا يرتدون الحفاضات كأنهم يشاركون في عروض تنكرية. وقد بدأت في الواقع أيام ارتداء الملابس التنكرية الخاصة بعام 2000 في الانتشار في أماكن العمل والجامعات. وباعتباري شخصاً كان يملأ خزانته ذات يوم بمنتجات علامة "آيروبوستال" (Aéropostale) التجارية، فقد قررت اعتبار إحياء هذه المنتجات بمنزلة مجاملة، وإنْ كانت ممزوجة بالسخرية.

نقلته إلى العربية: زينب منعم.