رويترز: هاربة تصف عمليات القتل الميدانية من قبل "الدعم السريع" بعد سقوط الفاشر

روايات شهود تثبت ارتكاب قوات "الدعم السريع" جرائم قتل وإطلاق نار على مدنيين فروا من مدينة الفاشر بعد الاستيلاء عليها.

  • مواطنون سودانيون هربوا من الفاشر بسبب هجمات قوات الدعم السريع
    مواطنون سودانيون هربوا من الفاشر بسبب هجمات قوات الدعم السريع

ذكرت وكالة "رويترز" أن "قوات شبه عسكرية سودانية ضربت وأطلقت النار على رجال فروا من مدينة محاصرة منذ فترة طويلة في دارفور بعد الاستيلاء عليها"، وفقاً لرواية من أحد الهاربين، أكدتها تصريحات مسؤولي إغاثة وصور الأقمار الصناعية ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع سقوط مدينة الفاشر، آخر معقل مهم للجيش السوداني في منطقة دارفور بغرب البلاد، يوم الأحد، كانت إكرام عبد الحميد وأطفالها الثلاثة وحفيدها من بين آلاف المدنيين الذين يحاولون المغادرة. وتقدم روايتها، في تسجيل صوتي حصلت عليه "رويترز" بعد وصولها إلى بلدة قريبة تسيطر عليها قوات محايدة، شهادة مباشرة نادرة عن استيلاء قوات "الدعم السريع" على الفاشر، حيث يتم قطع شبكات الهاتف المحمول.

وحذرت منظمات الإغاثة وناشطون من احتمال وقوع هجمات انتقامية بدوافع عرقية بعدما تغلبت قوات "الدعم السريع" على الجيش والمقاتلين المتحالفين معه. ويُعزز انتصار "الدعم السريع" بعد حصار دام 18 شهراً سيطرتها على دارفور، حيث اتُهمت سابقاً بارتكاب "جرائم قتل بدوافع عرقية"، ويُرسخ الانقسام الفعلي للبلاد بين حكومتين متوازيتين. ويرى محللون أن قوات "الدعم السريع" قد تستغل هذا الزخم لمحاولة توسيع نطاق سيطرتها.

إطلاق النار "أمامنا وخلفنا"

وتمكنت عبد الحميد من الفرار إلى بلدة طويلة مع أطفالها الأربعة، وقالت إنهم جميعاً أصيبوا في الحصار الطويل والقصف على الفاشر. وقالت "كنا نركض وكانوا يطاردوننا، كانوا يطلقون الصواريخ أمامنا وخلفنا"، مضيفة أنها فقدت الاتصال بزوجها وسط الفوضى.

وأضافت أنهم أُوقفوا عند حاجز ترابي أقامته قوات الدعم السريع حول المدينة، حيث تم فصل الرجال عن النساء، مضيفة أنه "صفّوا الرجال، وقالوا نريد الجنود". وعندما لم يرفع أيٌّ منهم يديه، انتقى مقاتل من قوات "الدعم السريع" بعضهم، فتعرّضوا للضرب وقُتلوا. وأضافت أنه "أطلقوا النار عليهم أمامنا، في الشارع". ثم تم نقل النساء إلى الجانب الآخر من الحاجز، حيث كان بإمكانهن سماع المزيد من الضرب وإطلاق النار، ثم سُمح لهن بالمغادرة.
 
وأضافت "طلب منا الجنود المضي قدماً وأن الرجال سيتبعوننا، لكننا لم نرهم مرة أخرى". ولم تستجب قوات "الدعم السريع" لطلبات التعليق، وأكد قادتها أن المدنيين في الفاشر سيحظون بالحماية.

تُظهر صور الأقمار الصناعية أجسامًا بحجم الجسم

وتتطابق رواية عبد الحميد مع مقاطع فيديو يُزعم أنها صُوّرت خلال سقوط الفاشر، والتي لم تتمكن "رويترز" من التحقق منها لعدم وجود علامات موقعية. تُظهر المقاطع شباباً يُستجوبون بشأن كونهم مقاتلين، ثم يُطلق عليهم النار من مسافة قريبة.

وتتوافق روايتها أيضاً مع صور الأقمار الصناعية التي نشرها مركز "ييل" للأبحاث الإنسانية. حيث أظهرت تلك الصور مجموعات متعددة من الأجسام بحجم أجساد بشرية، محاطة ببقع حمراء قد تكون ناجمة عن الدم، بالقرب من حواجز أقامتها قوات "الدعم السريع" وفي أماكن أخرى من المدينة.

من جهته، قال فريق الأمم المتحدة الإنساني في السودان في بيان إنه "نشعر بالفزع إزاء التقارير الموثوقة عن الانتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الإعدامات بإجراءات موجزة، والهجمات على المدنيين على طول طرق الهروب، والمداهمات من منزل إلى منزل، والعقبات التي تمنع المدنيين من الوصول إلى بر الأمان".

أضعفته الحصار

وقالت عبد الحميد إن حفيدها البالغ من العمر شهرين، والذي قُتل والداه في هجمات أثناء الحصار، أصيب بالمرض بسبب تناوله علفاً حيوانياً متعفناً. منذ وفاة والدته قبل أسبوعين، قالت إنها لم تتمكن من إرضاعه إلا مرة واحدة، وظلت تُطعمه أملاحاً حتى وصولهم إلى الطويلة.

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن "75% من الأطفال الذين وصلوا من الفاشر إلى طويلة الأسبوع الماضي يعانون من سوء التغذية الحاد، و26% يعانون من سوء التغذية الشديد". وتستضيف طويلة 800 ألف نازح داخلياً، معظمهم من الفاشر ومخيم زمزم للنازحين القريب.

ووفقاً لمدير مكتب المنظمة الدولية للهجرة في السودان، محمد رفعت، فقد "فرّ أكثر من 26 ألف شخص من الفاشر، يومي الأحد والاثنين، لكن أقل من 2000 وصلوا إلى طويلة. ويُقدّر أن 250 ألف شخص بقوا في مدينة الفاشر مع نهاية الحصار".

اقرأ أيضاً: "الدولية للهجرة": آلاف النازحين بيوم واحد من الفاشر وسط هجمات "الدعم السريع"