"نيويورك تايمز": بوتين يحظى بدعم متزايد على الساحة العالمية
حروب ترامب التجارية المُزعزعة وسياسته الخارجية المتقلّبة خلقت فرصة لبوتين وشي لتقديم نفسيهما كشريكين محتملين أكثر استقراراً من الولايات المتحدة.
-
بوتين وشي ومودي في قمة تيانجين
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول تحوّل موقع روسيا وبوتين على الساحة الدولية بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا، ويسلّط الضوء على صعود بوتين دبلوماسياً خارج الغرب واستغلاله لتقلّبات السياسة الأميركية لتعزيز موقع روسيا على الساحة الدولية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
بعد 3 سنوات من الحرب، وردّة فعل العالم، تغيّرت حظوظ بوتين، وكذلك العالم.
لم يكن ذلك أوضح مما كان عليه في مدينة تيانجين في الصين، حيث اجتمع قادة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، التجمّع الأمني الأوراسي، يوم الاثنين إلى جانب رؤساء دول من دول أخرى.
ألقى بوتين كلمته، ملقياً اللوم بشكل صريح على الغرب في الحرب على أوكرانيا. وصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسعادة، وانفجر ضاحكاً عندما انضمّ الاثنان إلى الزعيم الصيني شي جين بينغ. واستقبل زعماء من إيران ونيبال وطاجيكستان وتركيا وفيتنام بوتين بحفاوة بالغة في اجتماعات خاصة استمرت حتى ما بعد منتصف الليل.
إنّ ترحيب ترامب ببوتين على الأراضي الأميركية للمرة الأولى منذ عقد من الزمان، والصدام مع قادة من البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، دفعهم إلى الاقتراب من بوتين.
تدهورت علاقة ترامب بمودي مع مقاومة نيودلهي ضغوط واشنطن لإسناد الفضل إلى الزعيم الأميركي في إنهاء الصراع العسكري بين الهند وباكستان. ردّاً على ذلك، فرض ترامب رسوماً جمركية على الهند، مستهدفاً نيودلهي تحديداً لشراء النفط الروسي.
بدا أنّ الرسالة التي يبعث بها مودي، بعد قضاء 50 دقيقة في الدردشة في سيارة بوتين الخاصة واحتضانه الحارّ للزعيم الروسي علناً، هي أنّ لدى الهند خيارات أخرى.
منذ الأيام الأولى للحرب في أوكرانيا، دأبت روسيا على تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع دول خارج الغرب، وخاصة الصين والهند وتركيا، باعتبارها شريان حياة لاقتصاد موسكو في زمن الحرب.
قال مايكل كيميج، مدير معهد كينان في واشنطن، والذي يركّز على أوراسيا: "لا يقتصر الأمر على أنّ روسيا تحمّلت ثلاث سنوات ونصف السنة من الحرب الصعبة ولا تزال صامدة وتمضي قدماً، بل إنّ دبلوماسيتها كانت ماهرة للغاية".
وأضاف أنّ "روسيا بنت شبكة من العلاقات المهمة للاقتصاد الروسي، والتي تضفي الشرعية على نظام بوتين، وتجعل تأثير الحرب على روسيا أصغر مما قد يكون عليه لولا ذلك".
مع ذلك، لم يتجاوز الاستقبال الحارّ لبوتين هذا الحدّ. فالعلاقات بين العديد من الدول الأوروبية وموسكو لا تزال في حالة جمود تامّ، مما يُضعف شركاء روسيا الذين يعتمدون على التجارة مع أوروبا. وقد امتنع معظمهم عن الاعتراف بمطالب روسيا الإقليمية أو دعم حربها علانية.
لكنّ حروب ترامب التجارية المُزعزعة وسياسته الخارجية المتقلّبة خلقت فرصة، حيث يُقدّم بوتين وشي نفسيهما كشريكين محتملين أكثر استقراراً.
قال كيماج: "الدافع الصيني، التي يسعد الروس بالانضمام إليه، هي أنّ الولايات المتحدة مصدر للفوضى".
سيتبع اجتماع تيانجين إحياء الصين للذكرى الثمانين لاستسلام اليابان خلال الحرب العالمية الثانية. سيبقى بوتين لحضور الفعّاليات، التي ستشمل عرضاً عسكرياً يوم الأربعاء، على غرار العرض الذي نظّمته موسكو في أيار/مايو لإحياء ذكرى النصر على ألمانيا، والذي حضره شي.
وقال بوتين خلال اجتماع بين الزعيمين في بكين يوم الثلاثاء إنّ العلاقات بين روسيا والصين وصلت إلى مستوى "غير مسبوق".
وقدّم وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، قمة تيانجين كردٍّ على ما وصفه بالجهود الغربية للحفاظ على الهيمنة من خلال الرسوم الجمركية والدور الرئيسي للدولار في التجارة الدولية.
وصرّح للتلفزيون الرسمي الروسي بأنه من الواضح الآن أنّ "هؤلاء المنافسين لم يزدادوا قوة فحسب، بل أصبحوا في كثير من النواحي متقدّمين بالفعل على الغرب الجماعي التاريخي".
نقلته إلى العربية: بتول دياب.